من نحن ؟ | معرض الصور | الاقتراحات | التواصل معنا
Loading ... please Wait
مشاهدة Image
- العقيدة-دروس في التوحيد على ضوء الكتاب والسنة
المكتبة > العقيدة > دروس في التوحيد على ضوء الكتاب والسنة
عدد المشاهدات : 211
تاريخ الاضافة : 2018/11/23
المؤلف : أبي عبد الرحمن الصومالي


محتويات رسالة دروس في التوحيد
   -الإسلام    
   -الإيمان    
   -الإحسان    

الكتاب
towhed.pdf

الدروس
الباب(1)خصائص الألوهية

بـاب (1) خصائص الألوهية
قال الله تعالى: ﴿فَاَعْلَمْ أَنَّهُ لاْ إِلَهَ إِلاْ اَللهُ﴾ [محمد: 19].
(الإلـه)
(1) هو الذي له السلطة العليا على السموات والأرض، فيُعبد بالخوف والرجاء والدعاء والتوكل وغير ذلك .
(2) والذي له السلطة العليا في تصريف حياة الناس فيُطاع ولا يُعصى له أمر .
والله وحده هو "الإله" الذي له السلطة العليا على السموات والأرض، ويستحقّ أن يعبده الناس مخلصين له الدِّين، وأن يدعوه وحده ويتوكلوا عليه، ويرجوا رحمته ويخافوا عذابه ويطمئنوا بذكره.
قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ اَلَّذِيْ فِيْ اَلْسَّمَاْءِ إِلَهٌ وَفِيْ اَلأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ اَلْحَكِيْمُ اَلْعَلِيْمُ﴾ [الزخرف: 84].
وقال تعالى: ﴿وَلاْ تَدْعُ مَعَ اَللهِ إِلَهاً آخَرَ لاْ إِلَهَ إِلاْ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَاْلِكٌ إِلاْ وَجُهَهُ لَهُ اَلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ﴾[القصص: 88].
وقال تعالى: ﴿وَاْدْعُوْهُ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾ [الأعراف: 56].
وقال تعالى: ﴿وَقَاْلَ اَللهُ لاْ تَتَّخِذُوْا إِلَهَيْنِ اِثْنَيْنِ إِنَّمَاْ هُوَ إِلَهٌ وَاْحِدٌ فَإِيَاْيَ فَاَرْهَبُوْنَ﴾ [النحل: 51].
وقال تعالى:﴿أَلاْ بِذِكْرِاَللهِ تَطْمَئِنُّ اَلْقُلُوْبُ﴾[الرعد:28].
والله وحده هو "الإله" الذي له السلطة العليا في تصريف حياة الناس، ويستحقّ أن يطيعوا أوامره ويجتنبوا نواهيه، ويتلقوا منه التحليل والتحريم ويرجعوا إلى حكمه في كل شأن من شئون الحياة الفردية والجماعة .
قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ اَلَّذِيْ فِيْ اَلْسَّمَاْءِ إِلَهٌ وَفِيْ اَلأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ اَلْحَكِيْمُ اَلْعَلِيْمُ﴾ [الزخرف: 84].
وقال تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاْهُ﴾ [الفرقان: 43] .
وقال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاْءُ شَرَعُوْا لَهُمْ مِنَ اَلْدِّيْنِ مَاْلَمْ يَأْذَنْ بِهِ اَللهُ﴾ [الشورى: 21].
والله سبحانه وتعالى ليس له شريك في ملكه وسلطانه ولا شبيه له في أسمائه وصفاته. وتستلزم صفاته العليا أن يكون وحده الإله المعبود المطاع لأنه :

لا مالك إلا الله

ثانياً : لا مالك إلا الله :
قال الله تعالى: ﴿لَهُ مَاْ فِيْ اَلْسَّمَوَاْتِ وَمَاْ فِيْ اَلأَرْضِ وَمَاْ بَيْنَهُمَاْ وَمَاْ تَحْتَ اَلْثَّرَىْ. وَإِنْ تَجْهَرْ بِاَلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ اَلْسِرَّ وَأَخْفَىْ﴾ [طه: 7].
وقال تعالى: ﴿قُلْ لِمَنْ مَاْ فِيْ اَلْسَّمَوَاْتِ وَاَلأَرْضِ قُلْ للهِ كَتَبَ عَلَىْ نَفْسِهِ اَلْرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىْ يَوْمِ اَلْقِيَاْمَةِ لاْ رَيْبَ فِيْهِ اَلَّذِيْنَ خَسِرُوْا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاْ يُؤْمِنُوْنَ. وَلَهُ مَاْ سَكَنَ فِيْ اَلْلَّيْلِ وَاَلْنَّهَاْرِ وَهُوَ اَلْسَّمِيْعُ اَلْعَلِيْمُ﴾ [الأنعام:13].
وقال تعالى:﴿قُلْ اُدْعُوْا اَلَّذِيْنَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُوْنِ اللهِ لاْ يَمْلِكُوْنَ مِثْقَاْلَ ذَرَّةٍ فِيْ اَلْسَّمَوَاْتِ وَلاْ فِيْ اَلأَرْضِ وَمَاْ لَهُمْ فِيْهِمَاْ مِنْ شِرْكٍ وَمَاْ لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيْرٍ. وَلاْ تَنْفَعُ اَلْشَّفَاْعَةُ عِنْدَهُ إِلاْ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: 23].

لا رازق إلاّ الله

ثالثا : لا رازق إلا الله
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ هُوَ اَلْرَّزَّاْقُ ذُوْ اَلْقُوَّةِ اَلْمَتِيْنِ﴾ [الذاريات: 57].
وقال تعالى: ﴿وَمَاْ مِنْ دَاْبِةٍ فِيْ اَلأَرْضِ إِلاْ عَلَىْ اَللهِ رِزْقُهَاْ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرُّهَاْ وَمُسْتَوْدَعَهَاْ كُلٌّ فِيْ كِتَاْبٍ مُبِيْنٍ﴾ [هود: 6].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اَلَّذِيْنَ تَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ لاْ يِمْلِكُوْنَ لَكُمْ رِزْقاً فَاَبْتَغُوْا عِنْدَ اَللهِ اَلْرِزْقَ وَاَعْبُدُوْهُ وَاَشْكُرُوْا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ﴾ [العنكبوت: 17].
وقال تعالى: ﴿اَللهُ اَلَّذِيْ خَلَقَ اَلْسَّمَوَاْتِ وَاَلأَرْضِ وَأَنْزَلَ مِنَ اَلْسَّمَاْءِ مَاْءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ اَلْثَّمَرَاْتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمْ اَلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِيْ اَلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ اَلأَنْهَاْرَ. وَسَخَّرَ لَكُمْ اَلْشَّمْسَ وَاَلْقَمَرَ دَآئِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمْ اَلْلَّيْلَ وَاَلْنَّهَاْرَ وَآتَاْكُمْ مِنْ كُلِّ مَاْ سَأَلْتُمُوْهُ وَإِنْ تَعُدّوا نِعْمَتَ اَللهِ لاْ تُحْصُوْهَاْ إِنَّ اَلإِنْسَاْنَ لَظَلُوْمٌ كَفَّاْرٌ﴾ [إبراهيم: 34].

لا نافع ولا ضارّ إلا الله

رابعا : لا نافع ولا ضار ّإلا الله
قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اَللهُ بِضُرٍّ فَلاْ كَاْشِفَ لَهُ إِلاْ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىْ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ﴾ [الأنعام: 17].
وقال تعالى: ﴿مَاْ يَفْتَحِ اَللهُ لِلْنَاْسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاْ مُمْسِكَ لَهَاْ وَمَاْ يُمْسِكْ فَلاْ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ اَلْعَزِيْزُ اَلْحَكِيْمُ﴾ [فاطر: 2].
وقال تعالى: ﴿وَاَتَّخَذُوْا مِنْ دُوْنِهِ آلِهَةً لاْ يَخْلُقُوْنَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُوْنَ وَلاْ يَمْلِكُوْنَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاْ نَفْعاً وَلاْ يَمْلِكُوْنَ مَوْتاً وَلاْ حَيَاْةً وَلاْ نُشُوْراً﴾ [الفرقان: 3] .
وقال تعالى: ﴿قُلْ لاْ أَمْلِكُ لِنَفْسِيْ نَفْعاً وَلاْ ضَرّاً إِلاْ مَاْ شَاْءَ اَللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ اَلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ اَلْخَيْرِ وَمَاْ مَسَّنِيْ اَلْسُّوْءُ إِنْ أَنَاْ إِلاْ نَذِيْرٌ وَبَشِيْرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُوْنَ﴾ [الأعراف: 188].
وقال تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيَّتُوْنَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُوْنَ﴾ [الزمر: 31].
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله  قال: {لا تطروني كما أطرت النصاري ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله}.[متفق عليه].

لا حاكم ولا مشرّع إلا لله

خامسا : لا حاكم ولا مشرع إلا الله
قال الله تعالى: ﴿إِنِ اَلْحُكْمُ إِلاْ للهِ أَمَرَ أَلاْ تَعْبُدُوْا إِلاْ إِيَاْهُ ذَلِكَ اَلْدِّيْنُ اَلْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ اَلْنَّاَسِ لاْ يَعْلَمُوْنَ﴾[يوسف: 40]
وقال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ اَلْجَاْهِلَيَةِ يَبْغُوْنَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوْقِنُوْنَ﴾ [المائدة: 50].
وقال تعالى: ﴿ثُمَ جَعَلْنَاْكَ عَلَىْ شَرِيْعَةٍ مِنَ اَلأَمْرِ فَاتَّبِعْهَاْ وَلاْ تَتَّبِعْ أَهْوَاْءَ اَلَّذِيْنَ لاْ يَعْلَمُوْنَ﴾ [الجاثية: 18].
وقال تعالى: ﴿إِنَاْ أَنْزَلْنَاْ إِلَيْكَ اَلْكِتَاْبَ بِاَلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ اَلْنَّاْسَ بِمَاْ أَرَاْكَ اَللهُ وَلاْ تَكُنْ لِلْخَاْئِنِيْنَ خَصِيْماً﴾ [النساء: 105].
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَىْ اَللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ اَلْضَّلاْلَةُ فَسِيْرُوْا فَيْ اَلأَرْضِ فَاَنْظُرُوْا كَيْفَ كَاْنَ عَاْقِبَةُ اَلْمُكَذِّبِيْنَ﴾ [النحل: 36] .
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وأنابوا إِلَى اللهِ لَهُمُ اْلبُشْرَى فَبِشِّرْ عِبَاْدِ. اَلَّذِيْنَ يَسْتَمِعُوْنَ اَلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُوْنَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ اَلَّذِيْنَ هَدَاْهُمُ اَللهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوْا اَلأَلْبَاْبِ﴾ [الزمر: 17-18].
وقال تعالى: ﴿لاْ إِكْرَاْهَ فِيْ اَلْدِّيْنِ قَدْ تَبَيَّنَ اَلْرُّشْدُ مِنَ اَلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِاْلعُرْوَةِ اْلوُثْقَى لاَنْفِصَامَ لَهَاْ وَاَللهُ سَمِيْعٌ عَلِيْمٌ. اَللهُ وَلِيُّ اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلْظُّلُمَاْتِ إِلَىْ اَلْنُّوْرِ وَاَلَّذِيْنَ كَفَرُوْا أَوْلِيَاْؤُهُمْ اَلْطَاْغُوْتُ يُخْرِجُوْنَهُمْ مِنَ اَلْنُّوْرِ إِلَىْ اَلْظُّلُمَاْتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَاْبُ اَلْنَّاْرِ هُمْ فِيْهَاْ خَاْلِدُوْنَ﴾ [البقرة: 255-257].
فمن عرف هذه الصفات وعلم أن الله وحده هو الخالق المالك الرزاق النافع الضار الحاكم المدبر لأمر هذا العالم .. فإنه يجب عليه أن يخلص العبادة والطاعة لله، وأن يستسلم لأوامره كاستسلام الوجود الكوني لأوامرالله .
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمْ اَللهُ اَلَّذِيْ خَلَقَ اَلْسَّمَوَاْتِ وَاَلأَرْضِ فِيْ سِتَةِ أَيَاْمٍ ثُمَّ اسْتَوَىْ عَلَىْ اَلْعَرْشِ يُغْشِيْ اَلْلَّيْلَ اَلْنَّهَاْرَ يَطْلُبُهُ حَثِيْثاً وَاَلْشَّمْسَ وَاَلْقَمَرَ وَاَلْنُّجُوْمَ مُسَخَّرَاْتٌ بِأَمْرِهِ أَلاْ لَهُ اَلْخَلْقُ وَاَلأَمْرُ تَبَاْرَكَ اَللهُ رَبَّ اَلْعَاْلَمِيْنَ﴾ [الأعراف: 54].
وقال تعالي: ﴿أَفَغَيْرَ دِيْنَ اَللهِ يَبْغُوْنَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِيْ اَلْسَّمَوَاْتِ وَاَلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُوْنَ﴾ [آل عمران: 83]
وقال تعالي: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ اَلْسَّمَوَاْتُ اَلْسَّبْعُ وَاَلأَرْضُ وَمَنْ فِيْهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاْ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاْ تَفْقَهُوْنَ تَسْبِيْحَهُمْ إِنَّهُ كَاْنَ حَلِيْماً غَفُوْراً﴾ [الإسراء: 44] .
وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اَللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِيْ اَلْسَّمَوَاْتِ وَمَنْ فِيْ اَلأَرْضِ وَاَلْشَّمْسَ وَاَلْقَمَرَ وَاَلْنُّجُوْمَ وَاَلْجِبَاْلَ وَاَلْشَّجَرَ وَاَلْدَّوَاْبَ وَكَثِيرٌ مِنَ اَلْنَّاْسِ وَكَثِيْرٌ حَقَّ عَلَيْهِ اَلْعَذَاْبَ وَمَنْ يُهِنِ اَللهُ فَمَاْ لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اَللهَ يَفْعَلُ مَاْ يَشَاْءُ﴾ [الحج: 18].
ولايعرض عن الإسلام وإخلاص العبادة والطاعة لله، ويرضى بعبادة الشركاء والأنداد من دون الله إلا الغافلون عن آيات الله الكونية والتنْزيلية، وأولئك جزاؤهم الخلود في نار جهنم.
وقد بيّن الله تعالى في كتابه أنّهم شرّ الخليقة، وأنّهم أضلّ من الأنعام .
قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَاْ لِجَهَنَّمَ كَثِيْراً مِنَ اَلْجِنَّ وَاَلإِنْسِ لَهُمْ قُلُوْبٌ لاْ يَفْقَهُوْنَ بِهَاْ وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاْ يُبْصِرُوْنَ بِهَاْ وَلَهُمْ آذَاْنٌ لاْ يَسْمَعُوْنَ بِهَاْ أُوْلَئِكَ كَاَلأَنْعَاْمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ اَلْغَاْفِلُوْنَ﴾ [الأعراف: 179] .
وقال تعالي: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاْتِيْ اَلَّذِيْنَ يَتَكَبَّرُوْنَ فِيْ اَلأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاْ يُؤْمِنُوْا بِهَاْ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيْلَ اَلْرُّشْدِ لاْ يَتَّخِذُوْهُ سَبِيْلاً وَإْنِ يَرَوْا سَبِيْلَ اَلْغَيِّ يَتَّخِذُوْهُ سَبِيْلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوْا بِآيَاْتِنَاْ وَكَاْنُوْا عَنْهَاْ غَاْفِلِيْنَ﴾ [الأعراف: 146] .
وقال تعالى: ﴿أَرَأَيٍْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاْهُ أَفَأَنْتَ تَكُوْنُ عَلَيْهِ وَكِيْلاً. أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُوْنَ أَوْ يَعْقِلُوْنَ إِنْ هُمْ إِلاْ كَاَلأَنْعَاْمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيْلاً﴾ [الفرقان: 43-44].
وقال تعالى: ﴿وَعَرَضْنَاْ جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَاْفِرِيْنَ عَرْضاً. اَلَّذِيْنَ كَاْنَتْ أَعْيُنُهُمْ فِيْ غِطَاْءٍ عَنْ ذِكْرِيْ وَكَاْنُوْا لاْيَسْتَطِيْعُوْنَ سَمْعاً﴾ [الكهف: 101] .




* * *

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلّم أجمعين . أما بعد :-
فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة من أعظم فرائض الإسلام الملقاة على عاتق كل مسلم. فيجب عليه أن يأمر بألمعروف وينهي عن المنكر في حدود استطاعته إن كان صادقاً في ادعائه للإيمان والإسلام، وإلا كان من أهل الخسران المبين .
﴿وَاَلْعَصْرِ إِنَّ اَلإِنْسَاْنَ لَفِيْ خُسْرٍ إلاَّ اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا اَلْصَّاْلحَاْتِ وَتَوَاْصَوْا بِاَلْحَقِّ وَتَوَاْصَوْا بِِاَلْصَّبْرِ﴾[العصر:1-3].
﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُوْنَ إِلىْ اَلخَيرِ وَيَأْمُرُوْنَ بِاَلمَعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَأُلَئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُوْنَ﴾[آل عمران:104].
ومن سنة الله أن يهلك الأمم بألذنوب والمعاصي إذا فشت فيهم وغلبت عليهم بسبب انعدام الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر .
﴿فَأَهْلَكْنَاْهُمْ بِذُنُوْبِهِمْ وَأَنْشَأْناَ ْمِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِيْنَ﴾ [الأنعام: 6].
﴿لُعِنَ اَلَّذِيْنَ كَفَرُوْا مِنْ بَنِيْ إِسْرَاْئِيْلَ عَلَىْ لِسَاْنِ دَاْوُوُدَ وَعِيْسَىْ اِبْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَاْ عَصَوْا وَكَاْنُوْا يَعْتَدُوْنَ. كَاْنُوْا لاْ يَتَنَاْهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوْهُ لَبِئْسَ مَاْ كَاْنُوْا يَفْعَلُوْنَ﴾ [المائدة:79].
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي يضمن لكل أمة وجماعة أن تبقي قوية عزيزة متماسكة متعاونة في الدنيا، وأن تكون ناجية من عذاب الله السرمدي في الآخرة… فائزة بجناته التي خُلقت للبقاء والخلود.
والمعروف الذي يجب الأمر به درجات متفاوتة في الأهمية والوجوب، وأعظمه شأناً وأعلاه قدراً هو "الدعوة إلى التوحيد" كما أن المنكر الذي يجب النهي عنه درجات متفاوتة في الأهمية والوجوب كذلك، وأعظمه شأناً وأعلاه قدراً هو "النهي عن الشرك" وهما متلازمان ولا يفترقان لأن من أمر "التوحيد" فقد نَهي عن "الشرك" .
﴿قُلْ إِنَّمَاْ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اَللهَ وَلاْ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوْا وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ [الرعد: 36].
وأفضل حالات الإنسان هو عند اهتدائه إلى الإسلام والتوحيد، والموحِّد: هو الوحيد الذي يقدِّر آيات الله حقّ قدرها، ويتلقى كل ما جاء في الرسالة الإلهية من الأخبار والأحكام بالرضى والقبول، فلا يضلّ في الدنيا ولا يشقي في الآخرة، لأن هاديه هو الله عالم الغيب والشهادة الذي أحاط بكل شيء علماً .
﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاْيَ فَلاْ يَضِلُّ وَلاْ يَشْقَىْ﴾ [طه: 133].
﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَاْيَ فَلاْ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاْ هُمْ يَحْزَنُوْنَ﴾ [البقرة: 38].
وأسوأ حالات الإنسان هو عند ضلاله عن التوحيد، فإنه حينئذ يظل حائراً تائها لا يستقيم على طريقة ولا يثبت على مبدإ أو خلق كريم، وتستولي عليه شياطين الإنس والجن، وتسيطر على فكره وقلبه، فلا يقدرحينئذ الاستفاذة من كتاب الله ومعرفة السبيل السوي للنجاة من شقوة الدنيا والآخرة .
﴿مَثَلُ اَلْفَرِيْقَيْنِ كَاَلأَعْمَىْ وَاَلأَصَمِّ وَاَلْبَصِيْرِ وَاَلْسَّمِيْعِ هَلْ يَسْتَوِيَاْنِ مَثَلاً﴾ [هود: 24].
﴿لَهُمْ قُلُوْبٌ لاْ يَفْقَهُوْنَ بِهَاْ وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاْ يَبْصِرُوْنَ بِهَاْ وَلَهُمْ آذَاْنٌ لاْ يَسْمَعُوْنَ بِهَاْ﴾ [الأعراف: 179].
والله العليم بطبائع البشر وأحوال القلوب لم يخاطب أهل الإشراك في مبدإ الأمر بالأحكام الفرعية وتنفيذ الأوامر والنواهي لأن الأعمي الأصم يستحيل أن يسلك طريقاً وُصف له قبل أن يصح ويستعيد حوّاسه المفقودة .. ولكن الله عزّ وجلّ أنزل لهم العقائد وبيّن لهم من الحقائق ما أنار قلوبَهم وأنقذهم من العمي والصمم.
﴿فَإِنَّهَاْ لاْ تَعْمَىْ الأَبْصَاْرُ وَلَكِنْ تَعْمَىْ اَلْقُلُوْبُ اَلَتِيْ فِيْ اَلْصُدُوْرِ﴾ [الحج: 46].
وهذا كتاب صغير الحجم عظيم النفع وُضع للمساهمة في الأمر بالمعروف الأكبر "التوحيد" والنهي عن المنكر الأكبر "الشرك" وقد روعيت فيه البساطة والتجنب عن التعقيد والاكتفاء بالنصوص الصريحة المحكمة ما أمكن ذلك . وذلك ليكون مناسباً للمبتدئين الذين ليست لديهم غالباً معرفة جيدة للغة العرب.
إنّ الأمة إذا تخلّت عن العمل بكتاب ربّها وظنّت أنّ المصلحة في مسايرة الكفّار وتقليدهم وإرضائهم بسخط الله .. فإنّ انتسابها بعد ذلك إلى الإسلام لا يُنجيها من عذا الله في الدنيا والآخرة.
ولقد جاء دورُ الدعاة إلى الله لإنقاذ الأمّة من الجاهلية الحديثة، وليس أمام أصحاب الدعوة إلى الإسلام في هذه الجاهلية الطاغية إلا أن يشرعوا في تعريف الناس حقيقة الإسلام كما جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلم وحقيقة إسلامهم التقليدي الاضطراري كي يختاروا لأنفسهم أيهما شاءوا بعد معرفة الفرق بين الإسلامين.. !
﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىْ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال: 42].

* * *

الباب (2) حقّ الله على العباد

بـاب ( 2 ) حق الله على العباد
حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً .
قال تعالى: ﴿وَمَاْ خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَاَلإِنْسَ إِلاْ لِيَعْبُدُوْنِ﴾ [الذاريات: 56].
وقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً﴾ [النساء: 36].
وقال تعالى:﴿وَقَضَىْ رَبُّكَ أَلاْ تَعْبُدُوْا إِلاْ إِيَاْهُ﴾ [الإسراء:23].
عن معاد بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلّى الله عليه وسلّم على حمار، فقال:{يا معاد، أتدري ما حق الله على العباد، وما حقّ العباد على الله؟، فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: {حقّ الله على العباد أن يعبدوه ولايشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذّب من لا يشرك به شيئاً} . [متفق عليه].
هذا هو حق الله على عباده، ومن أدّى ذلك لله صار من المخلصين الذين أخلصوا دينهم لله وامتثلوا بما أمره في كتابه .
قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: 5].
وقال تعالى: ﴿إِنَّاْ أَنْزَلْنَاْ إِلَيْكَ اَلْكِتَاْبَ بِاَلْحَقِّ فَاَعْبَدِ اَللهَ مُخْلِصاً لَهُ اَلْدِّيْنَ أَلاْ للهِ اَلْدِّيْنُ اَلْخَاْلِصُ﴾ [الزمر: 2-3] .
وقال تعالى: ﴿قُلْ اَللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِيْنِيْ. فَاَعْبُدُوْا مَاْ شِئْتُمْ مِنْ دُوْنِهِ﴾ [الزمر: 14-15] .
وقال تعالى: ﴿فَاَدْعُوْا اَللهَ مُخْلِصِيْنَ لَهُ اَلْدِّيْنَ وَلَوْ كَرِهَ اَلْكَاْفِرُوْنَ﴾ [غافر: 14].
وهذا هو الإسلام المأمور به، والمسلم: هو كل من أخلص دينه لله وكفر بعبادة الآلهة والطواغيت من دون الله .
قال الله تعالى: ﴿فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاْحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوْا وَبَشِّرِ اَلْمُخْبِتيْنَ﴾ [الحج: 34].
وقال تعالى: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [هود: 14]
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَاْ يُوْحَىْ إِلَيَّ أَنَّمَاْ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاْحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُوْنَ﴾ [الأنبياء: 108]
وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ يَتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُوْنَ﴾ [النحل: 81].
وكل رسول من رسل الله عليهم السلام إنما جاء بالإسلام، وأن يخلص العبادة لله، ودعا الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله .
قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25].
وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36].
وقال تعالى: ﴿إِذْجَاْءَتْهُمُ اَلْرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيْهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاْ تَعْبُدُوْا إِلاْ اللهَ﴾ [فصلت: 14] .
وقد كان المشركون يقرّون بوجود الله، وأنه ربّهم وخالقهم ورازقهم ومدبر أمرهم وأمر الكون من حولهم. ولهذا لم يكونوا ينكرون "أن يعبد الله" وإنما كانوا ينكرون "أن يعبد الله وحده" فأصبحوا بذلك كافرين.
قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [الزمر: 45].
وقال تعالى: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَاْ دُعِيَ اَللهَ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوْا فَاَلْحُكْمُ للهِ اَلْعَلِيِّ اَلْكَبِيْرِ﴾ [غافر: 12].
وقال تعالى: ﴿قَاْلُوْا أَجِئْتَنَاْ لِنَعْبُدَ اَللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَاْ كَاْنَ يَعْبُدُ آبَاْؤُنَاْ﴾ [الأعراف: 70].
وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيْمَاْنُهُمْ لَمَّاْ رَأَوْا بَأْسَنَاْ، سُنَّتَ اَللهِ اَلَّتِيْ قَدْ خَلَتْ فِيْ عِبَاْدِهِ وَخَسِرَ هُنَاْلِكَ اَلْكَاْفِرُوْنَ﴾ [غافر: 84-85] .
وقد فطر الله الناس على الإسلام وعبادته بلا شريك، ولكنهم يضلّون بفعل الشياطين فيعبدون مع الله غيره .
قال الله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ للْدِّيْنِ حَنِيْفاً فِطْرَتَ اَللهِ اَلَّتِيْ فَطَرَ اَلْنَّاْسَ عَلَيْهَاْ لاْ تَبْدِيْلَ لِخَلْقِ اَللهِ ذَلِكَ اَلْدِّيْنُ اَلْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ اَلْنَّاْسِ لاْ يَعْلَمُوْنَ. مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاَتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوْا اَلْصَّلاْةَ وَلاْ تَكُوْنُوْا مِنَ اَلْمُشْرِكِيْنَ. مِنَ اَلَّذِيْنَ فَرَّقُوْا دِيْنَهُمْ وَكَاْنُوْا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَاْ لَدَيْهِمْ فَرِحُوْنَ﴾ [الروم: 30-32] .
وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِيْ آدَمَ مِنْ ظُهُوْرِهِمْ ذُرِّيَتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىْ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ، قَاْلُوْا بَلَىْ شَهِدْنَاْ، أَنْ تَقًُوْلُوْا يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ إِنَّاْ كُنَّاْ عَنْ هَذَاْ غَاْفِلِيْنَ. أَوْتَقُوْلُوْا إِنَّمَاْ أَشْرَكَ آبَاْؤُنَاْ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّاْ ذُرِّيَةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَاْ بِمَاْ فَعَلَ اَلْمُبْطِلُوْنَ.وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ اَلآيَاْتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُوْنَ﴾ [الأعراف: 172-174] .
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: {يقول الله تبارك وتعالى لأهون أهل النار عذاباً لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتدياً بِها، فيقول: نعم. فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك، فأبيت إلا الشرك}. [رواه مسلم].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: {كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه}. [متفق عليه].
وجاء في حديث عياص بن حمار رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن الله قال: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنّهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرّمت عليهم ما أحللت لهم". [رواه مسلم].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إن الله مسح صلب آدم فاستخرج منه نسمة هو خالقها إلى يوم القيمة، فأخذ منهم ميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً" .

الباب (3) العبادة

البـاب الثالث: العبـادة
العبادة: هي غاية التذلل والخضوع أي أن يدعن المرء لعلاء أحد وغلبته ثم ينْزل له عن حريته واستقلاله ويترك إزاءه كل المقاومة والعصيان وينقاد له انقياداً. وأمثلة ذلك ..
(1) يقال الإنسان المملوك المغلوب على أمره "عبدا" لأنه خضع وذلّ لغيره .
قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَاْ مُوْسَىْ وَأَخَاْهُ هَاْرُوْنَ بِآيَاْتِنَاْ وَسُلْطَاْنٍ مُبِيْنٍ. إِلَىْ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيهِ فَاَسْتَكْبَرُوْا وَكَاْنُوْا قَوْماً عَاْلِيْنَ. فَقَاْلُوْا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَاْ وَقَوْمَهُمَاْ لَنَاْ عَاْبِدُوْنَ﴾ [المؤمنون: 45-47 ].
وقال تعالى:﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَاْ عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِيْ إِسْرَاْئِيْلَ﴾ [الشعراء: 22].
(2) وكذلك إذا أطاع المرء أحداً غيره مختاراً واعتقد أوامره واجبةً عليه فقد عبده، لأنه ذلّ وخضع له باختياره .
قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَاْ بَنِيْ آدَمَ أَلاْ تَعْبُدُوْا اَلْشَّيْطَاْنَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِيْنٌ. وَأَنِ اعْبُدُوْنِيْ هَذَاْ صِرَاْطٌ مُسْتَقِيْمٌ﴾ [يـس: 60-61].
وقال تعالى: ﴿اُحْشُرُوْا اَلَّذِيْنَ ظَلَمُوْا وَأَزْوَاْجَهُمْ وَمَاْ كَاْنُوْا يَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ فَاَهْدُوْهُمْ إِلَىْ صِرَاْطِ اَلْجَحِيْمِ. وَقِفُوْهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُوْلُوْنَ. مَاْلَكُمْ لاْ تَنَاْصَرُوْنَ. بَلْ هُمْ اَلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُوْنَ. وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىْ بَعْضٍ يَتَسَاْءَلُوْنَ. قَاْلُوْا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُوْنَنَاْ عَنِ اَلْيَمِيْنِ. قَاْلُوْا بَلْ لَمْ تَكُوْنُوْا مُؤْمِنِيْنَ. وَمَاْ كَاْنَ لَنَاْ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَاْنٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طَاْغِيْنَ﴾ [الصافات: 22-30].
وقال تعالى: ﴿إتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْباَباً مِنْ دُونِ اللهِ وَاْلمَسِيحَ ابن مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون﴾ [التوبة: 31].
(3) وكذلك من يتقدّم بشعائر العبادة كالسجود والركوع والقيام والطواف والنذر والذبح والدعاء لأحدٍ يراه مستحقّاً لذلك، يكون عابداً له لتذلُّلِهِ وخضوعه له .
قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّيْ نُهِيْتُ أَنْ أَعْبُدَ اَلَّذِيْنَ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ لَمَّاْ جَاْءَنِيْ اَلْبَيِّنَاْتُ مِنْ رَبِّيْ﴾ [غافر: 66].
وقال تعالى: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَاْ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ وَأَدْعُوْا رَبِّيْ عَسَىْ أَلاْ أَكُوْنَ بِدُعَاْءِ رَبِّيْ شَقِيّاً. فَلَمَّاْ اعْتَزَلَهُمْ وَمَاْ يَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ وَهَبْنَاْ لَهُ إِسْحَاْقَ وَيَعْقُوْبَ وَكُلاً جَعَلْنَاْ نَبِيّاً﴾ [مريم: 48-49] .
وقال تعالى: ﴿وَاَلَّذِيْنَ اتَّخَذُوْا مِنْ دُوْنِهِ أَوْلِيَاْءَ مَاْ نَعْبُدُهُمْ إِلاْ لِيُقَرِّبُوْنَاْ إِلَىْ اَللهِ زُلْفَىْ﴾ [الزمر: 3]
وقال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ مَاْلاْ يَضُرُّهُمْ وَلاْ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُوْلُوْنَ هَؤُلاْءِ شُفَعَاْؤُنَاْ عِنْدَ اَللهِ﴾ [يونس: 18] .
وسُميت تكاليف الشرع عبادات،لأن المكلَّفين يؤدونها خاضعين متذللين لله. وكلمة "العبادة" اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، مثل: الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد للكفار والمنافقين وبرّ الوالدين والدعاء والذكر وحب الله ورسوله وخشية الله وإخلاص الدِّين له والصبر لحكمه والرضى بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وغير ذلك .
قال الله تعالى:﴿يَاْ أَيُّهَاْ اَلْنَّاْسُ اعْبُدُوْا رَبَّكُمْ اَلَّذِيْ خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ. اَلَّذِيْ جَعَلَ لَكُمْ اَلأَرْضَ فِرَاْشاً وَاَلْسَّمَاْءَ بِنَاْءً وَأَنْزَلَ مِنَ اَلْسَّمَاْءِ مَاْءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ اَلْثَّمَرَاْتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلاْ تَجْعَلُوْا للهِ أَنْدَاْداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ﴾ [البقرة: 21-22].
وقال تعالى: ﴿يَاْ أَيُّهَاْ اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا ارْكَعُوْا وَاَسْجُدُوْا وَاَعْبُدُوْا رَبَّكُمْ وَاَفْعَلُوْا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُوْنَ﴾ [الحجّ: 77].
وقال تعالى:﴿إِنَّ اَلَّذِيْنَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُوْنَ. وَاَلَّذِيْنَ هُمْ بِآيَاْتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُوْنَ. وَاَلَّذِيْنَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لاْ يُشْرِكُوْنَ. وَاَلَّذِيْنَ يُؤْتُوْنَ مَاْ أَتَوْا وَقُلُوْبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىْ رَبِّهِمْ رَاْجِعُوْنَ. أُوْلَئِكَ يُسَاْرِعُوْنَ فِيْ اَلْخَيْرَاْتِ وَهُمْ لَهَاْ سَاْبِقُوْنَ. وَلاْ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاْ وُسْعَهَاْ وَلَدَيْنَاْ كِتَاْبٌ يَنْطِقُ بِاَلْحَقِّ وَهُمْ لاْ يُظْلَمُوْنَ﴾ [المؤمنون: 57-62] .

الباب (4) الشرك

البـاب الرابع: الشرك
الشرك : هو عبادة غير الله –معه أو من دونه– وهو ينقض التوحيد الذي هو إفراد الله سبحانه بالعبادة .
قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَاْلَ لُقْمَاْنُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَاْ بُنَيَّ لاْ تُشْرِكْ بِاَللهِ إِنَّ اَلْشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيْمٌ﴾ [لقمان: 13].
وقال تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ اْلأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ للهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج: 30-31].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اَللهَ لاْ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَاْ دُوْنَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاْءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾ [النساء: 116] .
وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 88].
وقال تعالى: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اَللهِ تَأْمُرُوْنِّيْ أَعْبُدُ أَيُّهَاْ اَلْجَاْهِلُوْنَ. وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَىْ اَلَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ اَلخَاسِرِينَ. بَلِ اَللهَ فَاَعْبُدْ وَكُنْ مِنَ اَلْشَّاْكِرِيْنَ﴾ [الزمر: 64-66] .
وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المائدة:72].
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: {من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار} [رواه مسلم].
من هذه النصوص الصحيحة تعلم :
{أولاً} أن المشرك ظالِمٌ لربه ظلماً عظيماً .
{ثانياً} أن الله لا يغفر للمشرك الذي مات وهو غير تائب من شركه.
{ثالثاً} أن الله سيحبط جميع الأعمال والعبادات القولية والفعلية للمشرك.
{رابعاً} أن المشرك حرام عليه دخول الجنة، ومأواه النار خالداً فيها .
والله تعالى العليم لم يفرق بين المشرك الذي ينكر النطق بكلمة "لا إله إلا الله" وبين الذي ينطق بِها وهو يشرك بالله شيئا، ولكن الله العليم اطلق هذه الحقائق في كتابه لنكون دائماً على حذر من الشرك. بل أن الله تعالى أخبر في كتابه الحكيم -لزيادة البيان- ثلاثة أصناف من الناس يدخلون النار مع الداخلين، وليسوا بخارجين منها. مع أنّهم كانوا يقولون في الدنيا "لا إله إلا الله" وهم:
[1] أهل الكتاب الذين جعلهم الله مع المشركين لشركهم :
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة: 6] .
[2] المرتدون الذين كفروا وهم ينتسبون إلى الإسلام :
قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَاْ والآخرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 217] .
[3] المنافقون الذين كانوا ينتسبون إلى الإسلام ويظهرون موالاة المسلمين ومعادات المشركين .
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اْلمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ اْلأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً﴾ [النساء: 145] .
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً﴾ [النساء: 140].

-الاستغاثة بغير الله

(1) الاستغاثة بغير الله :
قال الله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَالاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّؤُنَ اللهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السماوات وَلاَ فِي اْلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: 18].
وقال تعالى: ﴿قُلْ اُدْعُوْا اَلَّذِيْنَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُوْنِهِ فَلاْ يَمْلِكُوْنَ كَشْفَ اَلْضُرِّ عَنْكُمْ وَلاْ تَحْوِيلاً. أُوْلَئِكَ اَلَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ يَبْتَغُوْنَ إِلَىْ رَبِّهِمْ اَلْوَسِيْلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُوْنَ رَحْمَتَهُ وَيَخَاْفُوْنَ عَذَاْبَهُ إِنَّ عَذَاْبَ رَبِّكَ كَاْنَ مَحْذُوْراً﴾ [الإسراء: 56-57].
وقال تعالى: ﴿وَلاْ تَدْعُ مِنْ دُوْنِ اَللهِ مَاْ لاْ يَنْفَعُكَ وَلاْ يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ اَلْظَّاْلِمِيْنَ. وَإِنْ يَمْسَسْكَ اَللهُ بِضُرٍّ فَلاْ كَاْشِفَ لَهُ إِلاْ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاْ رَاْدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيْبُ بِهِ مَنْ يَشَآءُ مِنْ عِبَاْدِهِ وَهُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ﴾ [يونس: 106-107].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوْا مِنْ دُوْنِ اَللهِ مَنْ لاْ يَسْتَجِيْبُ لَهُ إِلَىْ يَوْمِ اَلْقِيَاْمَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَاْئِهِمْ غَاْفِلُوْنَ. وَإِذَاْ حُشِرَ اَلْنَّاْسَ كَاْنُوْا لَهُمْ أَعْدَاْءً وَكَاْنُوْا بِعِبَاْدَتِهِمْ كَاْفِرِيْنَ﴾ [الأحقاف: 5-6] .
وقال تعالى: ﴿وَقَاْلَ رَبُّكُمْ اُدْعُوْنِيْ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ اَلَّذِيْنَ يَسْتَكْبِرُوْنَ عَنْ عِبَاْدَتِيْ سَيَدْخُلُوْنَ جَهَنَّمَ دَاْخِرِيْنَ﴾ [غافر: 60].
وقال تعالى: ﴿فَلاْ تَدْعُ مَعَ اَللهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُوْنَ مِنَ اَلْمُعَذَّبِيْنَ﴾ [الشعراء: 213].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ اْلكَافِرُونَ﴾ [المؤمنون: 117].
وقال تعالى: ﴿وَإِذَاْ سَأَلَكَ عِبَاْدِيْ عَنِّيْ فَإِنِّيْ قَرِيْبٌ أُجِيْبُ دَعْوَةَ اَلْدَّاْعِ إِذَاْ دَعَاْنِ فَلْيَسْتَجِيْبُوْا لِيْ وَلْيُؤْمِنُوْا بِيْ لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُوْنَ﴾ [البقرة: 186] .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:{من مات وهو يدعوا من دون الله ندّاً دخل النار}. [[البخاري]رواه البخاري].
وقال صلّى الله عليه وسلّم: {الدعاء هو العبادة} .

-الاستعاذة بغير الله

(2) الاستعاذة بغيرالله :
قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَاْنَ رِجَاْلٌ مِنَ اَلإِنْسِ يَعُوْذُوْنَ بِرِجَاْلٍ مِنَ اَلْجِنِّ فَزَاْدُوْهُمْ رَهَقاً﴾ [الجن: 6] .
وقال تعالى: ﴿قُلْ أَعُوْذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ مَاْ خَلَقَ. وَمِنْ
شَرِّ غَاْسِقٍ إِذَاْ وَقَبَ. وَمِنْ شَرِّ اَلْنَّفَّاْثَاْتِ فِيْ اَلْعُقَدِ. وَمِنْ شَرِّ حَاْسِدٍ إِذَاْ حَسَدَ﴾ [الفلق:1-5].
عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: {من نزل منْزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شرّ ماخلق، لم يضرّه شيء حتى يرحل من منْزله ذلك} [المسلم].

-الذبح لغير الله

(3) الذبح لغيرالله :
قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاْتِيْ وَنُسُكِيْ وَمَحْيَاْيَ وَمَمَاْتِيْ للهِ رَبِّ اَلْعَاْلَمِيْنَ. لاْ شَرِيْكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ اَلْمُسْلِمِيْنَ﴾ [الأنعام: 162-163].
وقال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاَنْحَرْ﴾ [الكوثر: 3] .
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأربع كلمات: {لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوي محدثاً، لعن الله من غيّر منار الأرض} [رواه مسلم] .

-النذر لغير الله

(4) النذر لغير الله :
قال الله تعالى: ﴿يُوْفُوَْن بِاَلْنَّذْرِ وَيَخَاْفُوْنَ يَوْماً كَاْنَ شَرُّهُ مُسْتَطِيْراً﴾ [الإنسان: 7].
وقال تعالى: ﴿وَمَاْ أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اَللهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة: 270] .
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: {من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه} [[البخاري]رواه البخاري].
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه نَهي عن النذر وقال: {إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل} [رواه البخاري].

-لبس الحلقة أو الخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه

(5) لبس الحلقة أو الخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
قال الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ اَلْسَّمَاْوَاْتِ وَاَلأَرْضِ لَيَقُوْلُنَّ اَللهَ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَاْ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ إِنْ أَرَاْدَنِيَ اَللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاْشِفَاْتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَاْدَنِيْ بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاْتُ رَحْمَتِهِ، قُلْ حَسْبِيَ اَللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ اَلْمُتَوَكِّلُوْنَ﴾ [الزمر: 38] .
عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: {ماهذه}؟ قال: من الواهنة، فقال:{انزعها فإنّها لا تزيدك إلا وهناً فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً}. [أحمد] .
عن حذيفة بن اليمان  أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه، وتلا قوله تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ﴾ [ابن أبي حاتم].
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: {من تعلّق تميمة فقد أشرك} [أحمد].
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: {إن الرقى والتمائم والتولة شرك} [أحمد وأبو داود] .

-التبرّك بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر

(6) التبرك بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر:
قال الله تعالى: ﴿أَفَرَءَيْتُمْ اَلْلاْتَ وَاَلْعُزَّىْ وَمَنَاْةَ اَلْثَّاْلِثَةَ اَلأُخْرَىْ﴾ [النجم: 19-20].
قال ابن عباس وغيره: "كان اللات رجلاً يلت السويق، سويق الحاج فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه" .
قال ابن كثير:"كانت اللات صخرة بيضاء منقوشة وعليها بيت بالطائف له أستار وسدنة، وحوله فناء معظّم عند أهل الطائف" .
وذكر ابن جرير: "أن العزى كانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف كانت قريش يعظمونَها كما قال أبو سفيان يوم أحد "لنا العزى ولا عزى لكم" فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {قولوا الله مولانا ولامولى لكم} .
قال ابن كثير: "وأما مناة فكانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونَها ويهلّون منها للحجّ إلى الكعبة" .
وقال القرطبي: "أفرءيتم هذه الآلهة أنفعت أو ضرت حتى تكون شركاء لله تعالى" .
عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بِها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط ، فمررنا بسدرة فقلنا: يارسول الله اجعل لنا ذات أنواط كمالهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {الله أكبر إنّها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلـهاً كما لهم آلهة، قال إنكم قوم تجهلون، لتركبنّ سنن من كان قبلكم}. [الترمذي] .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: {اللهم لا تجعل قبري وثناً، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد} . [أحمد] .

-التوكّل على غير الله

(7) التوكُّل على غيرالله :
قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اَللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاْ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَىْ اَللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 3]
وقال تعالى: ﴿وَقَاْلَ مُوْسَىْ يَاْقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاَللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوْا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِيْنَ﴾ [يونس: 84] .
وقال تعالى: ﴿وَعَلَىْ اَللهِ فَتَوَكَّلُوْا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ﴾ [المائدة: 23].
وقال تعالى: ﴿فَاَعْفُ عَنْهُمْ وَاَسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاْوِرْهُمْ فِيْ اَلأَمْرِ فَإِذَاْ عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَىْ اَللهِ إِنَّ اَللهَ يُحِبُّ اَلْمُتَوَكِّلِيْنَ. إِنْ يَنْصُرْكُمُ اَللهُ فَلاْ غَاْلِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَاْ اَلَّذِيْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَىْ اَللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُوْنَ﴾ [آل عمران: 159-160].
وقال تعالى: ﴿قَاْلَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اَللهَ يَمُنُّ عَلَىْ مَنْ يَشَاْءُ مِنْ عِبَاْدِهِ وَمَاْ كَاْنَ لَنَاْ أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَاْنٍ إِلاْ بِإِذْنِ اَللهِ وَعَلَىْ اَللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُوْنَ. وَمَاْ لَنَاْ أَلاْ نَتَوَكَّلَ عَلَىْ اَللهِ وَقَدْ هَدَاْنَاْ سُبُلَنَاْ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىْ مَاْ آذَيْتُمُوْنَاْ وَعَلَىْ اَللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُتَوَكِّلُوْنَ﴾ [إبراهيم: 11-12].
وقال تعالى: ﴿إِذْ يَقُوْلُ اَلْمُنَاْفِقُوْنَ وَاَلَّذِيْنَ فِيْ قُلُوْبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاْءِ دِيْنُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَىْ اَللهِ فَإِنَّ اَللهِ عَزِيْزٌ حَكِيْمٌ﴾ [الأنفال: 49] .
وقال تعالى: ﴿اَلَّذِيْنَ قَاْلَ لَهُمْ اَلْنَّاْسَ إِنَّ اَلْنَّاْسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاَخْشَوْهُمْ فَزَاْدَهُمْ إِيْمَاْناً وَقَاْلُوْا حَسْبُنَاْ اَللهُ وَنِعْمَ اَلْوَكِيْلُ. فَاَنْقَلَبُوْا بِنِعْمَةٍ مِنَ اَللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوْءٌ وَاَتَّبَعُوْا رِضْوَاْنَ اَللهِ وَاْللهُ ذُوْ فَضْلٍ عَظِيْمٍ﴾ [آل عمران: 173-174].

-اتّباع شريعة لم يشرّعها الله

(8) اتباع شريعة لم يشرعها الله :
قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ اِفْتَرَىْ عَلَىْ اَللهِ كَذِباً أَوْ قَاْلَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوْحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَاْلَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَاْ أَنْزَلَ اَللهُ﴾ [الأنعام: 93] .
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ اْلكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44].
وقال تعالى: ﴿فَاَتَّقُوْا اَللهَ وَأَطِيْعُوْنِ. وَلاْ تُطِيْعُوْا أَمْرَ اَلْمُسْرِفِيْنَ. اَلَّذِيْنَ يُفْسِدُوْنَ فِيْ اَلأَرْضِ وَلاْ يُصْلِحُوْنَ﴾ [الشعراء: 150-152].
وقال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ﴾ [الشورى: 21].
وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَىْ اَلَّذِيْنَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُمْ آمَنُوْا بِمَاْ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَاْ أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَتَحَاْكَمُوْا إِلَىْ اَلْطَاْغُوْتِ وَقَدْ أُمِرُوْا أَنْ يَكْفُرُوْا بِهِ وَيُرِيْدُ اَلْشَّيْطَاْنُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاْلاً بَعِيْداً﴾ [النساء: 60].
وقال تعالى: ﴿فَلاْ وَرَبِّكَ لاْ يُؤْمِنُوْنَ حَتَّىْ يُحَكِّمُوْكَ فِيْمَاْ شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاْ يَجِدُوْا فِيْ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّاْ قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوْا تَسْلِيْماً﴾ [النساء: 65] .
وقال تعالى: ﴿إتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْباَباً مِنْ دُونِ اللهِ وَاْلمَسِيحَ ابن مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون﴾ [التوبة: 31].
تلا النبي صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية على عدي بن حاتم الطائي فقال: يارسول الله لسنا نعبدهم، فقال: {أليس يحلّون لكم ما حرّم الله فتحلّونه، ويحرّمون عليكم ما أحلّ الله فتحرّمونه}، قال بلى: فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: {فتلك عبادتُهم} [أحمد والترمذي].

الباب (6) ضلال الأمم قديماً وحديثاً

البـاب السادس: ضلال الأمم قديما وحديثا
كان المشركون قديماً وحديثاً يقرّون بوجود الله وربوبيته، وكان ضلالهم الحقيقي على نوعين :-
[أولاً] اعتقاد أن غير الله من الملائكة والأنبياء والصالحين والجنّ والنجوم لهم تصرّف في الكون. ومن ثَمَّ قدموا لهم أنواعاً من العبادات، كالذبح والنذر، وطلبوا منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات. وهو شرك الأكبر.
[ثانياً] إنّهم لم يتّخذوا أوامر الله شريعة بل أطاعوا رؤساءهم وحكامهم واتّخذوا أوامرهم شريعة متبعة وهذا أيضا شرك أكبر .

-قوم نوح عليه السلام

(1) قوم نوح عليه السلام :
لم يكونوا جاحدين بوجود الله تعالى: وكان شركهم على هذين النوعين، كما يظهر من هذه الآيات :-
قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاْ تَتَّقُوْنَ. فَقَاْلَ اَلْمَلأُ اَلَّذِيْنَ كَفَرُوْا مِنْ قَوْمِهِ مَاْ هَذَاْ إِلاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاْءَ اَللهُ لأَنْزَلَ مَلاْئِكَةً مَاْ سَمِعْنَاْ بِهَذَاْ فِيْ آبَاْئِنَاْ اَلأَوَّلِيْنَ﴾ [المؤمنون: 23-24] .
وقال تعالى: ﴿قَاْلَ نُوْحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِيْ وَاَتَّبَعُوْا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَاْلُهُ وَوَلَدُهُ إِلاْ خَسَاْراً. وَمَكَرُوْا مَكْراً كُبَّاْراً. وَقَاْلُوْا لاْ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَسُوَاعاً وَلاَيَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً. وَقَدْ أَضَلُّوْا كَثِيْراً وَلاْ تَزِدِ اَلْظَّاْلِمِيْنَ إِلاْ ضَلاْلاً﴾ [نوح: 21-24].
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "هذه أسماء رجال الصالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً، وسمّوها بأسمائهم ففعلوا ولم تُعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم عُبدت" [[البخاري]رواه البخاري] .

-عاد قوم هود عليه السلام

(2) عاد قوم هود عليه السلام :
وهذه الأمة أيضاً لم تكن جاحدة بوجود الله، وكان ضلالهم كضلال قوم نوح عليه السلام يدلّ على ذلك الآيات الآتية :-
قال الله تعالى: ﴿ وَإِلَى عَاْدٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاْ تَتَّقُوْنَ﴾ [الأعراف:65]. .
وقال تعالى: ﴿قالوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ أَباَؤُنَاْ فَأْتِنَاْ بِمَاْ تَعِدُنَاْ إِنْ كُنْتَ مِنَ اَلْصَّاْدِقِيْنَ﴾ [الأعراف: 70].
وأخبرالله تعالى أنّهم قالوا عن نبيهم: ﴿إِنْ هُوَ إِلاْ رَجُلٌ اِفْتَرَىْ عَلَىْ اَللهِ كَذِباً وَمَاْ نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِيْنَ﴾ [المؤمنون: 38] .
وقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ عَاْدٌ جَحَدُوْا بِآيَاْتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاَتَّبَعُوْا أَمْرَ كُلُّ جَبَّاْرٍ عَنِيْدٍ﴾ [هود: 59] .

-ثمود قوم صالح عليه السلام

(3) ثمود قوم صالح عليه السلام :
كان ضلالهم كضلال قوم نوح وعاد. فما كانوا جاحدين بوجودالله، وإنما وقعوا في الشرك بنوعيه الاعتقاد والاتباع. يدلّ على ذلك الآيات الآتية:-
قال الله تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [هود: 61] .
وقال تعالى: ﴿قَاْلُوْا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِيْنَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَاْ﴾ [هود: 62] .
وقال تعالى:﴿فَإِنْ أَعْرَضُوْا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاْعِقَةً مِثْلَ صَاْعِقَةِ عَاْدٍ وَثَمُوْدَ. إِذْ جَاْءَتْهُمُ اَلْرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيْهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاْ تَعْبُدُوْا إِلاْ اَللهَ قَاْلُوْا لَوْشَاْءَ رَبُّنَاْ لأَنْزَلَ مَلاْئِكَةً فَإِنَّاْ بِمَاْ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَاْفِرُوْنَ﴾ [فصلت: 13-14] .
وقال تعالى: ﴿قَاْلُوْا تَقَاْسَمُوْا بِاَللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُوْلَنَّ لِوَلِيِّهِ مَاْشَهِدْنَاْ مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّاْ لَصَاْدِقُوْنَ﴾ [النمل: 49].
وقال تعالى: ﴿فَاَتَّقُوْا اَللهَ وَأَطِيْعُوْنِ. وَلاْ تُطِيْعُوْا أَمْرَ اَلْمُسْرِفِيْنَ. اَلَّذِيْنَ يُفْسِدُوْنَ فِيْ اَلأَرْضِ وَلاْ يُصْلِحُوْنَ﴾ [الشعراء: 150-152].

-كفار مصر في عهد يوسف عليه السلام

(6) كفار مصر في عهد يوسف عليه السلام :
كان ضلالهم كضلال من سبقهم فلم يكونوا منكرين وجود الله تعالى وإنما وقعوا في ما وقعت فيه الأمم من الشرك.
قال تعالى مخبراً عن قول عزيز مصر:﴿يُوْسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَاْ وَاَسْتَغْفِرِيْ لِذَنْبِكَ إِنَّكَ كُنْتَ مِنَ اَلْخَاْطِئِيْنَ﴾ [يوسف: 29].
وقال تعالى: ﴿يَاْ صَاْحِبَيِ اَلْسِّجْنِ أَأَرْبَاْبٌ مُتَفَرِّقُوْنَ خَيْرٌ أَمِ اَللهُ اَلْوَاْحِدُ اَلْقَهَّاْرُ. مَاْ تَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِهِ إِلاْ أَسْمَاْءً سَمَّيْتُمُوْهَاْ أَنْتُمْ وَآبَاْؤُكُمْ مَاْ أَنْزَلَ اَللهُ بِهَاْ مِنْ سُلْطَاْنٍ إِنِ اَلْحُكْمُ إِلاْ للهِ أَمَرَ أَلاْ تَعْبُدُوْا إِلاْ إِيَاْهُ ذَلِكَ اَلْدِّيْنُ اَلْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ اَلْنَّاَسِ لاْ يَعْلَمُوْنَ ﴾ [يوسف: 39-40] .
وقال تعالى: ﴿فَلَمَّاْ جَاْءَهُ اَلْرَّسُوْلُ قَاْلَ اِرْجِعْ إِلَىْ رَبِّكَ فَسْأَلْهُ مَاْ بَاْلُ اَلْنِّسْوَةِ اَلْلاْتِيْ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّيْ بِكَيْدِهِنَّ عَلِيْمٌ﴾ [يوسف: 50] .
وقال تعالى: ﴿فَلَمَّاْ رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاْشَ للهِ مَاْ هَذَاْ بَشَرٌ إِنْ هَذَاْ إِلاْ مَلَكٌ كَرِيْمٌ﴾ [يوسف: 31] .

-قوم لوط عليه السلام

(5) قوم لوط عليه السلام :
لم تكن جريمتهم إنكار وجود الله تعالى، بل كانوا يقرون بذلك، ولم يكن ضلالهم يختلف عن ضلال من سبقهم من الأمم:
قال الله تعالى: ﴿إِذْ قَاْلَ لَهُمْ أَخُوْهُمْ لُوْطٌ أَلاْ تَتَّقُوْنَ. إِنِّيْ لَكُمْ رَسُوْلٌ أَمِيْنٌ.فَاَتَّقُوْا اَللهَ وَأَطِيْعُوْنِ. وَمَاْ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاْ عَلَىْ رَبِّ اَلْعَاْلَمِيْنَ. أَتَأْتُوْنَ اَلْذُّكْرَاْنَ مِنَ اَلْعَاْلَمِيْنَ. وَتَذَرُوْنَ مَاْ خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاْجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَاْدُوْنَ. قَاْلُوْا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَاْلُوْطُ لَتَكُوْنَنَّ مِنَ اَلْمُخْرَجِيْن﴾ [الشعراء: 161-167].
وقال تعالى:﴿فَمَاْ كَاْنَ جَوَاْبَ قَوْمِهِ إِلاْ أَنْ قَاْلُوْا اِئْتِنَاْ بِعَذَاْبِ اَللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ اَلْصَّاْدِقِيْنَ﴾ [العنكبوت: 29]

-قوم إبراهيم عليه السلام ونمرود

(4) قوم إبراهيم عليه السلام ونمرود :
لم يكن أمرهم يختلف عن أمر قوم نوح وعاد وثمود :-
قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَاْلَ إِبْرَاْهِيْمُ لأَبِيْهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاْءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ. إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ. وَجَعَلَهَاْ كَلِمَةً بَاْقِيَةً فِيْ عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُوْنَ﴾ [الزخرف: 26-28] .
وقال تعالى: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَاْ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ وَأَدْعُوْا رَبِّيْ عَسَىْ أَلاْ أَكُوْنَ بِدَعَاْءِ رَبِّيْ شَقِياً. فَلَمَّاْ اِعْتَزَلَهُمْ وَمَاْيَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ وَهَبْنَاْلَهُ إِسْحَاْقَ وَيَعْقُوْبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَاْ نَبِياً﴾ [مريم: 48-49]
وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَىْ اَلَّذِيْ حَاْجَّ إِبْرَاْهِيْمُ فِيْ رَبِّهِ أَنْ آتَاْهُ اَللهُ اَلْمُلْكَ إِذْ قَاْلَ إِبْرَاْهِيْمُ رَبِّيَ اَلَّذِيْ يُحْيِيْ وَيُمِيْتُ قَاْلَ أَنَاْ أُحْيِيْ وَأُمِيْتُ قَاْلَ إِبْرَاْهِيْمُ فَإِنَّ اَللهَ يَأْتِيْ بِاَلْشَّمْسِ مِنَ اَلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَاْ مِنَ اَلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ اَلَّذِيْ كَفَرَ وَاَللهُ لاْ يَهْدِيْ اَلْقَوْمَ اَلْظَّاْلِمِيْنَ﴾ [البقرة: 258] .

-كفار مصر في عهد يوسف عليه السلام

(6) كفار مصر في عهد يوسف عليه السلام :
كان ضلالهم كضلال من سبقهم فلم يكونوا منكرين وجود الله تعالى وإنما وقعوا في ما وقعت فيه الأمم من الشرك.
قال تعالى مخبراً عن قول عزيز مصر:﴿يُوْسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَاْ وَاَسْتَغْفِرِيْ لِذَنْبِكَ إِنَّكَ كُنْتَ مِنَ اَلْخَاْطِئِيْنَ﴾ [يوسف: 29].
وقال تعالى: ﴿يَاْ صَاْحِبَيِ اَلْسِّجْنِ أَأَرْبَاْبٌ مُتَفَرِّقُوْنَ خَيْرٌ أَمِ اَللهُ اَلْوَاْحِدُ اَلْقَهَّاْرُ. مَاْ تَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِهِ إِلاْ أَسْمَاْءً سَمَّيْتُمُوْهَاْ أَنْتُمْ وَآبَاْؤُكُمْ مَاْ أَنْزَلَ اَللهُ بِهَاْ مِنْ سُلْطَاْنٍ إِنِ اَلْحُكْمُ إِلاْ للهِ أَمَرَ أَلاْ تَعْبُدُوْا إِلاْ إِيَاْهُ ذَلِكَ اَلْدِّيْنُ اَلْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ اَلْنَّاَسِ لاْ يَعْلَمُوْنَ ﴾ [يوسف: 39-40] .
وقال تعالى: ﴿فَلَمَّاْ جَاْءَهُ اَلْرَّسُوْلُ قَاْلَ اِرْجِعْ إِلَىْ رَبِّكَ فَسْأَلْهُ مَاْ بَاْلُ اَلْنِّسْوَةِ اَلْلاْتِيْ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّيْ بِكَيْدِهِنَّ عَلِيْمٌ﴾ [يوسف: 50] .
وقال تعالى: ﴿فَلَمَّاْ رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاْشَ للهِ مَاْ هَذَاْ بَشَرٌ إِنْ هَذَاْ إِلاْ مَلَكٌ كَرِيْمٌ﴾ [يوسف: 31] .

-قوم شعيب عليه السلام

(7) قوم شعيب عليه السلام :
كانوا من ذرية إبراهيم عليه السلام وكان ضلالهم كضلال من سبقهم.
قال الله تعالى: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاْءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوْا اَلْكَيْلَ وَاَلْمِيْزَاْنَ وَلاْ تَبْخَسُوْا اَلْنَّاْسَ أَشْيَاْءَهُمْ وَلاْ تُفْسِدُوْا فِيْ اَلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاْحِهَاْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ﴾ [الأعراف: 85].
وقال تعالى: ﴿وَيَاْقَوْمِ أَوْفُوْا اَلْمِكْيَاْلَ وَاَلْمِيْزَاْنَ بِاَلْقِسْطِ وَلاْ تَبْخَسُوْا اَلْنَّاْسَ أَشْيَاْءَهُمْ وَلاْ تَعْثَوْا فِيْ اَلأَرْضِ مُفْسِدِيْنَ. بَقِيَّةُ اَللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ وَمَاْ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيْظٍ. قَاْلُوْا يَاْ شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ اَلْحَلِيْمُ اَلْرَّشِيْدُ﴾ [هود: 85-87] .

-فرعون وآله

(8) فرعون وآله :
كان ضلالهم كضلال من سبقهم من الأمم :-
قال الله تعالى: ﴿وَقَاْلَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيْمَاْنَهُ أَتَقْتُلُوْنَ رَجُلاً أَنْ يَقُوْلَ رَبِّيَ اَللهُ وَقَدْ جَاْءَكُمُ بِاَلْبَيِّنَاْتِ مِنْ رَبِّكِمْ وَإِنْ يَكُ كَاْذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَاْدِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ اَلَّذِيْ يَعِدُكُمْ إِنَّ اَللهَ لاْ يَهْدِيْ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّاْبٌ. يَاْقَوْمِ لَكُمُ اَلْمُلْكَ اَلْيَوْمَ ظَاْهِرِيْنَ فِيْ اَلأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَاْ مِنْ بَأْسِ اَللهِ إِنَّ جَاْءَنَاْ ... ﴾ [غافر: 29] .
وقال تعالى: ﴿يَاْ قَوْمِ إِنِّيْ أَخَاْفُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمَ اَلأَحْزَاْبِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوْحٍ وَعَاْدٍ وَثَمُوْدَ وَاَلَّذِيْنَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَاْ اَللهُ يُرِيْدُ ظُلْماً لِلْعِبَاْدِ﴾ [غافر: 30-31].
وقال تعالى: ﴿وَنَاْدَىْ فِرْعَوْنُ فِيْ قَوْمِهِ قَاْلَ يَاْ قَوْمِ أَلَيْسَ لِيْ مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ اَلأَنْهَاْرُ تَجْرِيْ مِنْ تَحْتِيْ أَفَلاْ تُبْصِرُوْنَ. أَمْ أَنَاْ خَيْرٌ مِنْ هَذَاْ اَلَّذِيْ هُوَ مَهِيْنٌ وَلاْ يَكَاْدُ يُبِيْنُ. فَلَوْلاْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاْءَ مَعَهُ اَلْمَلاْئِكَةُ مُقْتَرِنِيْنَ. فَاَسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاْعُوْهُ إِنَّهُمْ كَاْنُوْا قَوْماً فَاْسِقِيْنَ﴾ [الزخرف: 51-54] .
وقال تعالى: ﴿وَيَاْ قَوْمِ مَاْ لِيْ أَدْعُوْكُمْ إِلَيْ اَلْنَّجَاْةِِ وَتَدْعُوْنَنِيْ إِلَيْ اَلْنَّاْرِ. تَدْعُوْنَنِيْ لأَكْفُرَ بِاَللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَاْ لَيْسَ لِيْ بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوْكُمْ إِلَىْ اَلْعَزِيْزِ اَلْغَفَّاْرِ﴾ [غافر: 41-42].
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَاْ مُوْسَىْ بِآيَاْتِنَاْ وَسُلْطَاْنٍ مُبِيْنٍ. إِلَىْ فِرْعَوْن َ وَمَلائِهِ فَاَتَّبَعُوْا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَاْ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيْدٍ﴾ [هود: 96-97] .
وقال تعالى: ﴿فَحَشَرَ فَنَاْدَىْ. فَقَاْلَ أَنَاْ رَبُّكُمْ اَلأَعْلَىْ﴾ [النازعات: 23-24].
وقال تعالى: ﴿وَقَاْلَ فِرْعَوْنَ ذَرُوْنِيْ أَقْتُلْ مُوْسَىْ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّيْ أَخَاْفُ أَنْ يُبَدِّلَ دِيْنَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِيْ اَلأَرْضِ اَلْفَسَاْدَ﴾ [غافر: 26].

-اليهود والنصارى

(9) اليهود والنصاري :
كان ضلالهم حول الأمرين كالأمم السابقة :-
قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَاْ أَهْلَ اَلْكِتَاْبِ لاْ تَغْلُوْا فِيْ دِيْنِكُمْ غَيْرَ اَلْحَقِّ وَلاْ تَتَّبِعُوْا أَهْوَاْءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوْا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوْا كَثِيْراً وَضَلُّوْا عَنْ سَوَاْءَ اَلْسَّبِيْلِ﴾ [المائدة: 77].
وقال تعالى: ﴿وَقَاْلَتِ اَلْيَهُوْدُ عُزَيْرُ اِبْنَ اَللهِ وَقَاْلَتِ اَلْنَّصَاْرَيْ اَلْمَسِيْحُ اِبْنُ اَللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاْهِهِمْ يُضَاْهِئُوْنَ قَوْلَ اَلَّذِيْنَ كَفَرُوْا مِنْ قَبْلُ قَاْتَلَهُمُ اَللهُ أنَّىْ يُؤْفَكُوْنَ﴾ [التوبة: 30] .
وقال تعالى:﴿مَاْ كَاْنَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اَللهُ اَلْكِتَاْبَ وَاَلْحُكْمَ وَاَلْنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُوْلُ لِلْنَاْسِ كُوْنُوْا عِبَاْداً لِّيْ مِنْ دُوْنِ اَللهِ وَلَكِنْ كُوْنُوْا رَبَّاْنِيِّيْنَ بِمَاْ كُنْتُمْ تُعَلِّمُوْنَ اَلْكِتَاْبَ وَبِمَاْ كُنْتُمْ تَدْرُسُوْنَ. وَلاْ يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوْا اَلْمَلاْئِكَةَ وَاَلْنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاْباً أَيَأْمُرَكُمْ بِاَلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُوْنَ﴾ [آل عمران: 79-80] .
وقال تعالى: ﴿إتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 31] .
وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَىْ اَلَّذِيْنَ أُوْتُوْا نَصِيْباً مِنَ اَلْكِتَاْبِ يُؤْمِنُوْنَ بِاَلْجِبْتِ وَاَلْطَّاْغُوْتِ وَيَقُوْلُوْنَ لِلَّذِيْنَ كَفَرُوْا هَؤُلاْءِ أَهْدَيْ مِنَ اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا سَبِيْلاً﴾ [النساء: 51] .
وقال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍ مِنْ ذَلِكَ مَثُوْبَةً عِنْدَ اَللهِ مَنْ لَعَنَهُ اَللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ اَلْقِرَدَةَ وَاَلْخَنَاْزِيْرَ وَعَبَدَ اَلْطَّاْغُوْتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَاْناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاْءِ اَلْسَّبِيْلِ﴾[المائدة: 60].
وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ اْلكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّواْ فَقُولُوا اَشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 64].

-المشركون العرب

(10) المشركون العرب :
كانوا يقرّون بوجود الله واأنه فاطر السموات والأرض ومسخّر الشمس والقمر ومنَزِّل الأمطار :-
قال الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ [الزخرف: 9].
وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ اَلْسَّمَاْوَاْتِ وَاَلأَرْضِ وَسَخَّرَ اَلْشَّمْسَ وَاَلْقَمَرَ لَيَقُوْلَنَّ اَللهَ فَأَنَّىْ يُؤْفَكُوْنَ﴾ [العنكبوت: 61]
وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَلَ مِنَ اَلْسَّمَاْءِ مَاْءً فَاأَحْيَاْ بِهِ اَلأَرْضِ مَنْ بَعْدِ مَوْتِهَاْ لَيَقُوْلَنَّ اَللهَ قُلِ اَلْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرَهُمْ لاْ يَعْقِلُوْنَ﴾ [العنكبوت: 63].
وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُوْلَنَّ اَللهُ فَأَنَّيىْ يُؤْفَكُوْنَ﴾ [الزخرف: 87].
وقال تعالى: ﴿قُلْ لِّمَنِ اْلأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُون. قُلْ مَنْ رَّبُّ السماوات السَّبْعِ وَرَبُّ اْلعَرْشِ اْلعَظِيم سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ. قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُوْنَ﴾ [المؤمنون:84-89]
وقال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاءِ وَاْلأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَاْلأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ويُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ اْلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اَللهُ فَقُلْ أَفَلاْ تَتَّقُوْنَ. فَذَالِكُمُ اَللهُ رَبُّكُمُ اَلْحَقُّ فَمَاْذَاْ بَعْدَ اَلْحَقِّ إِلاْ اَلْضَّلاْلُ فَأَنَّيىْ تُصْرَفُوْنَ﴾ [يونس: 31-32] .
وكانوا يعبدون الله سبحانه بالدعاء وخاصة في أوقات الشدّة حيث كانوا يدعونه مخلصين له الدِّين .
قال الله تعالى: ﴿وَإِذَاْ مَسَّكُمُ اَلْضُرُّ فِيْ اَلْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُوْنَ إِلاْ إِيَّاْهُ فَلَمَّاْ نَجَّاْكُمْ إِلَيىْ اَلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَاْنَ اَلإِنْسَاْنُ كَفُوْراً﴾ [الإسراء: 67] .
وقال تعالى: ﴿وَإِذَاْ مَسَّ اَلإِنْسَاْنَ ضُرٌّ دَعَاْ رَبَّهُ مُنِيْباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَاْ خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَاْكَاْنَ يَدْعُوْا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ للهِ أَنْدَاْداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيْلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيْلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَاْبِ اَلْنَّاْرِ﴾ [الزمر: 8] .
وقال تعالى: ﴿فَإِذَاْ رَكِبُوْا فِيْ اَلْفُلْكِ دَعَوُا اَللهَ مُخْلِصِيْنَ لَهُ اَلْدِّيْنَ فَلَمَّاْ نَجَّاْهُمْ إِلَيىْ اَلْبَرِّ إِذَاْ هُمْ يُشْرِكُوْنَ﴾ [العنكبوت: 65] .
وقال تعالى:﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاْكُمْ عَذَاْبُ اَللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ اَلْسَّاْعَةُ أَغَيْرَ اَللهِ تَدْعُوْنَ إِنْ كُنْتُمْ صَاْدِقِيْنَ. بَلْ إِيَاْهُ تَدْعُوْنَ فَيَكْشِفُ مَاْ تَدْعُوْنَ إِلَيْهِ إِنْ شَاْءَ وَتَنْسَوْنَ مَاْ تُشْرِكُوْنَ﴾ [الأنعام: 40-41] .
وكانوا يعبدون الله بالصلاة والصيام والاعتكاف والصدقة والعتاقة وصلة الرحم .
وقال تعالى: ﴿وَمَاْ كَاْنَ صَلاْتُهُمْ عِنْدَ اَلْبَيْتِ إِلاْ مُكَاْءً وَتَصْدِيَةً﴾ [الأنفال: 35].
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "إنهم كانوا يضعون خدودهم على الأرض ويصفقون ويصفرون" . [ابن أبي حاتم].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصومه في الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيام، فلما فُرض رمضان ترك صيام يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه" [متفق عليه].
عن عمر بن الخطاب  قال: "قلت يارسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام" وفي رواية "يوماً" قال: {فأوف بنذرك} [متفق عليه].
قال عبيد بن عمير: "كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجاور في حراء من كل سنة شهراً ، وكان ذلك مما تتحنث به قريش في الجاهلية، والتحنث التبرّر } [ابن اسحق] .
عن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال: "يارسول الله أرأيت أموراً كنت أتحنث بِها في الجاهلية من صلة وعتاقة وصدقة هل كان لي فيها من أجر؟ قال حكيم: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:{أسلمت عليى ما سلف من خير} [متفق عليه].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يارسول الله أن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه؟ قال: {لا ينفعه إنه لم يقل يوماً "رب اغفر لي خطيئتي يوم الدِّين"} [[مسلم]رواه مسلم] .
وجاء في حديث -بدء الوحي- أن خذيجة رضي الله عنها قالت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: "كلا والله مايحزيك أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم وتقرئ الضيف وتعين عليى نوائب الحق" [متفق عليه].
وقال صلّى الله عليه وسلّم: {إن الله لا يظلم مؤمناً حسنةً يعطي بِها في الدنيا ويجزي بِها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسناته ما عمل بِها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزي بِها} [رواه مسلم] .
وكانوا يعتمرون ويحجون إلى بيت الله الحرام ويؤدون كثيراً من شعائر الحجّ في أشهر الحج مثل: التلبية وسوق الهدي والطواف بالبيت واستلام الحجر الأسود والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ومزدلفة وغير ذالك. وكان ذلك من بقايا دين إبراهيم عليه السلام الذي أقرّه الإسلام .
وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيْضُوْا مِنْ حَيْثُ أَفَاْضَ اَلْنَّاْسَ﴾ [البقرة: 199] .
قالت عائشة رضي الله عنها: "كان قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون "الحمس". وسائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها". [رواه البخاري].
وقال تعالى: ﴿وَلاْ جِدَاْلَ فِيْ اَلْحَجِّ﴾ [البقرة: 197].
قال عبد الرحمن بن زيد: "كانوا يقفون مواقف مختلفة يتجادلون كلهم يدّعي أن موقفه موقف إبراهيم فقطعه الله حين أعلم نبيه بالمناسك" .
عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال وهو بعرفات: {فإن هذا اليونم الحجّ الأكبر، ألا وإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل أن تغيب الشمس في رؤس الجبال كأنّها عمائم الرجال في وجوهها وإنا ندفع بعد أن تغيب الشمس، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام بعد أن تطلع الشمس في رؤس الجبال كأنّها عمائم الرجال في وجوهها، وأإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس مخالفاً هدينا هدي أهل الشرك} [ابن مردويه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين].
ولما نزلت سورة التوبة نزلت بتحريم حج المشركين البيت الحرام ودخولهم المسجد الحرام .
وقال تعالى: ﴿مَاْ كَاْنَ لِلْمُشْرِكِيْنَ أَنْ يَعْمُرُوْا مَسَاْجِدَ اَللهِ شَاْهِدِيْنَ عَلَيىْ أَنْفُسِهِمْ بِاَلْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَاْلَهُمْ وَفِيْ اَلْنَّاْرِ هُمْ خَاْلِدُوْنَ﴾ [التوبة: 17].
وقال تعالى: ﴿يَآاْ أَيُّهَاْ اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا إِنَّمَاْ اَلْمُشْرِكُوْنَ نَجَسٌ فَلاْ يَقْرَبُوْا اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَاْمَ بَعْدَ عَاْمِهِمْ هَذَاْ﴾ [التوبة: 28].
قال ابن زيد: ناديى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان" قال: فجعل المشركون يقولون "اللّهم إنا مُنعنا أن ننْزل". [ابن جرير] .
وكانوا يعظِّمون حرمة الأشهر الحرام: رجب، ذي القعدة، ذي الحجة ، المحرّم، التي قال الله عنها: ﴿إِنَّ عِدَّةَ اَلْشُّهُوْرِ عِنْدَ اَللهِ اِثْنَاْ عَشَرَ شَهْراً فِيْ كِتَاْبِ اَللهِ يَوْمَ خَلَقَ اَلْسَّمَاْوَاْتِ وَاَلأَرْضٌ مِنْهَاْ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ذَلِكَ اَلْدِّيْنَ اَلْقَيِّمُ فَلاْ تَظْلِمُوْا فِيْهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36] .
قال ابن كثير: "فهذا مما كانت العرب أيضاً في الجاهلية تحرمه وهو الذي كان عليه جمهورهم".
قال: "فكانوا أحدثوا قبل الإسلام بمدّة تحليل المحرّم فأخّروه إلى صفر، فيحلّون الشهر الحرام ويحرمون الشهر الحلال ليواطئوا عدّة ماحرّم الله الأشهر الأربعة". [تفسير القران العظيم].
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَاْ اَلْنَسِيْئُ زِيَاْدَةٌ فِيْ اَلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ اَلَّذِيْنَ كَفَرُوْا يُحِلُّوْنَهُ عَاْماً وَيُحَرِّمُوْنَهُ عَاْماً لِيَوَاْطِئُوْا عِدَّةَ مَاْ حَرَّمَ اَللهَ فَيُحِلُّوْا مَاْ حَرَّمَ اَللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوْءُ أَعْمَاْلِهِمْ وَاَللهُ لاْ يَهْدِيْ اَلْقَوْمَ اَلْكَاْفِرِيْنَ﴾ [التوبة: 37].
ولما قتلت سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه "عمرو بن الحضرمي" في رجب قال المشركون: "إن محمداً يزعم أنه يتّبع طاعة الله وهو أولّ من استحلّ الشهر الحرام وقتل صاحبنا في رجب" فأنزالله تعالى: ﴿يَسْأَلُوْنَكَ عَنِ اَلْشَّهْرِ اَلْحَرَاْمِ قِتَاْلٍ فِيْهِ، قُلْ قِتَاْلٌ فِيْهِ كَبِيْرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيْلِ اَللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَاَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَاْمِ وَإِخْرَاْجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اَللهِ وَاَلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ اَلْقَتْلِ﴾ [البقرة: 217ٍ].
وكانوا يرون أيضاً حرمة "الزنا والربا" ولما أرادوا بناء الكعبة أمروا أن لا يدخلوا في بنائها إلا طيباً، وأن لا يقبلوا درهماً جاء عن طريقة الزنا والربا.
وكانوا يذكرون اسم الله ويبدؤن كتاباتِهم بِهذه العبارة "باسمك اللهم"، وكان من أسمائهم المشهورة "عبد الله و عبيد الله وتيم الله" ومن أولاد عبد المطلب "عبد الله" والد النبي صلّى الله عليه وسلّم وعبد العزىيز وهو أبو لهب، وجدّ أبي جهل اسمه "المغيرة بن عبد الله" . وكانوا يحلفون بالله، فالنابغة الذُبيان يقول :
حلفت فلم أدع لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب .
أما ضلالهم الحقيقي فكان علي نوعين مثل من سبقهم من الأمم:
(أولاً) اعتقدوا الوهية غير الله من الملائكة والصالحين والجنّ وغيرهم وعبدوهم بالخوف والرجاء والاستغاثة والذبح وغير ذلك وزعموا أنّهم شفعاؤهم عند الله ..
قال الله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَالاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ﴾ [يونس: 18] .
وقال تعالى: ﴿وَاَلَّذِيْنَ اِتَّخَذُوْا مِنْ دُوْنِهِ أَوْلِيَاْءَ مَاْ نَعْبُدُهُمْ إِلاْ لِيَقَرِّبُوْنَاْ إِلَيىْ اَللهِ زُلْفَىْ﴾ [الزمر: 3] .
وقال تعالى: ﴿وَاَتَّخَذُوْا مِنْ دُوْنِهِ آلِهَةً لاْ يَخْلُقُوْنَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُوْنَ وَلاْ يَمْلِكُوْنَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاْ نَفْعاً وَلاْ يَمْلِكُوْنَ مَوْتاً وَلاْ حَيَاْةً وَلاْ نُشُوْراً﴾ [الفرقان: 3] .
وقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَاْنَ رِجَاْلٌ مِنَ اَلإِنْسِ يَعُوْذُوْنَ بِرِجَاْلٍ مِنَ اَلْجِنِّ فَزَاْدُوْهُمْ رَهَقاً﴾ [الجن: 6] .
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اَلَّذِيْنَ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اَللهِ عِبَاْدٌ أَمْثَاْلُكُمْ فَاَدْعُوْهُمْ فَلْيَسْتَجِيْبُوْا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَاْدِقِيْنَ﴾ [الأعراف: 194] .

(ثانياً) أإنّهم كانوا يطيعون غير الله في التحليل والتحريم المخالف لما شرعه الله، كالحكام والكهان والسدنة وشيوخ القبائل
قال الله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ﴾ [الشوري: 21].
وقال تعالى:﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيْرٍ مِنَ اَلْمُشْرِكِيْنَ قَتْلَ أَوْلاْدِهِمْ شُرَكَاْؤُهُمْ لِيُرْدُوْهُمْ وَلِيَلْبِسُوْا عَلَيْهِمْ دِيْنَهُمْ﴾ [الأنعام: 137] .
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَاْ اَلْنَّسِيْئُ زِيَاْدُةٌ فِيْ اَلْكُفْرِ﴾[التوبة: 37] .
وقال تعالى: ﴿مَاْ جَعَلَ اَللهُ مِنْ بَحِيْرَةٍ وَلاْ سَآاْئِبَةٍ وَلاْ وَصِيْلَةٍ وَلاْ حَاْمٍ وَلَكِنَّ اَلَّذِيْنَ كَفَرُوْا يَفْتَرُوْنَ عَلَىْ اَللهِ اَلْكَذِبَ﴾ [المائدة: 103] .
وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُوْنِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلاَ آباَؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَيىْ اَلْرُّسُلِ إِلاْ اَلْبَلاْغُ اَلْمُبِيْنُ . وَلَقَدْ بَعَثْنَاْ فِيْ كُلِّ أُمَةٍ رَسُوْلاً أَنِ اَعْبُدُوْا اَللهَ وَاَجْتَنِبُوْا اَلْطَاْغُوْتَ﴾ [النحل: 35-36] .

الباب (7) مراتب دين الإسلام

البـاب السابع: مراتب دين الإسلام
الإسلام هو الدِّين الوحيد الذي يقبله الله من العبادة .. ومعناه إسلام الوجه لله أي الاستسلام والاأنقياد له وعبادته لبلا شريك ، والكفر بالآلهة والأنداد الباطلة التي تُعبد من دونه :-
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اَلْدِّيْنَ عِنْدَ اَللهِ اَلإِسْلاْمَ﴾ [آل عمران: 19].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ اْلإِسْلاَمِ دِيْنًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ اْلخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
وقال تعالى:﴿اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِيْ وَرَضِيْتُ لَكُمُ اَلإِسْلاْمَ دِيْناً﴾ [المائدة: 3] .
والمسلمون هم الذين يعبدون الله ولا يشركون به شيئاً، وكفروا بالآلهة والأنداد المعبودوة من دونه بكل صور العبادة، وهم ليسوا على درجة واحدة، وإنما يتفاضلون في العلم والعمل فأاختلفت درجاتهم عند الله .
وقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اَللهُ اَلَّذِيْنَ ءاآمَنُوْا مِنْكُمْ وَاَلَّذِيْنَ أُوْتُوْا اَلْعِلْمَ دَرَجَاْتٍ﴾ [المجادلة: 11].
وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَاْ اَلْكِتَاْبَ اَلَّذِيْنَ اِصْطَفَيْنَاْ مِنْ عِبَاْدِنَاْ فَمِنْهُمْ ظَاْلِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَاْبِقٌ بِاَلْخَيْرَاْتِ﴾ [فاطر: 31] .
الظالم لنفسه: في هذه الآية هو المسلم المذنب الذي ترك واجباً أو ارتكب محرّماً من غير استحلال له، فيُقال له "مسلم" ولا يقال "مؤمن" لكونه من أهل الوعيد، أو يقال "مؤمن بإيمانه ، فاسق بكبيرته" .
وقال تعالى: ﴿وَاَلَّذِيْنَ يَرْمُوْنَ اَلْمُحْصَنَاْتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوْا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاْءَ فَاَجْلِدُوْهُمْ ثَمَاْنِيْنَ جَلْدَةً وَلاْ تَقْبَلُوْا لَهُمْ شَهَاْدَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ اَلْفَاْسِقُوْنَ﴾ [النور: 4].
وقال تعالى: ﴿بِئْسَ اَلإإِسْمُ اَلْفُسُوْقُ بَعْدَ اَلإِيْمَاْنِ﴾ [الحجرات:11] .
والمسلم المذنب لا يقال له: "مؤمن كامل الإيمان" كما قالت المرجئة،. ولايقال له: "كافر خارج عن الملّة" كما قالت الخوارج،. ولايقال له: "هو بمنْزلة بين المنْزلتين فلا هو كافر ولا هو مؤمن" كما قالت المعتزلة .
والمقتصد: هو المؤمن الفاعل للواجبات التارك للمحرّمات .
والسابق بالخيرات: هو المؤمن المحسن الفاعل للواجبات والمستحبات التارك للمحرّمات والمكروهات.
ومن ذلك تعرف أن للدِّين الإسلامي ثلاث مراتب، وكل مسلم يكون في مرتبة من تلك المراتب .
{1} مرتبة الإسلام
{2} مرتبة الإيمان
{3} مرتبة الإحسان

-الإسلام

{أولاً} الإسلام :
إذا أراد الإنسان الكافر أن يد خل في دين الإسلام ويكون من المسلمين فعليه أن يحقق الشروط الآتية :-
(1) إعلان البراءة والتوبة من الشرك والكفر والإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله.
(2) الإقرار بشهادة أن محمداً رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأن ما جاء به حقٌ ووحيٌ من الله .
(3) الانقياد وعدم الاستكبار عن فعل الواجبات وترك المحرّمات .
وهذه الشروط مبيِّنةٌ في الكتاب والسنة كالنصوص الآتية :
قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: 5].
وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّيْنِ﴾ [التوبة: 11].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:{أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا منِّي دماءهم وأموالهم إلا بحقّها وحسابُهم على الله}. [رواه مسلم].
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :{بُني الإسلام على خمسٍ، على أن يُعبد الله ويُكفر بما دونه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصوم رمضان} [متفق عليه] .
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {من قال "لا إله إلا الله" وكفر بما يُعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله}. [رواه مسلم].
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: {من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلَّى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو مسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم} [رواه البخاري] .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده} [رواه البخاري] .
ومتى أعلن الكافر توبته من الكفر وظهرت منه علامة تدلُّ على أنه قد تاب من الكفر فأإنه يجب الكفُّ عنه والتثبُّت في أمره، ولو كان ذلك في حال الحرب أو في دار الكفر .
وقال تعالى: ﴿يَاْ أَيُّهَاْ اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا إِذَاْ ضَرَبْتُمْ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ فَتَبَيَّنُوْا وَلاْ تَقُوْلُوْا لِمَنْ أَلْقَىْ إِلَيْكُمُ اَلْسَّلاْمَ لَسْتَ مُؤْمِناً﴾[النساء:94].
وبعد التبيُّن قد يظهر أنه "مسلم" محقِّقٌ لشروط الإسلام، فيكون له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وقد يظهر أنه كافر ثابتٌ على كفره فيكون له حكم الكافرين.
ويجب التنبُّه على أن الكفار أصناف مختلفة في العقائد والشعائر، فمنهم الوثنيون عُبَّادُ الأصنام، ومنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ومنهم أهل الانحراف والردّة عن الإسلام، فإذا أعلن الكافر للمسلمين براءته من كفر أهل ملّته كان ذلك علامة تدلُّ على إسلامه،وعندئذ يجب الكفُّ عنه حتى يختبر ويتبيّن أمره.

[1] الكفُّ عن الوثني :
من المعروف أن أهل الأوثان كانوا ينكرون قول "لا إله إلا الله" لإيمانِهم بتعدد الآلهة، ولم يكونوا يصلُّون الصلاة المعروفة في الإسلام، ولم يكونوا يحيون بتحية الإسلام، فمن أظهر من أهل الأوثان هذه الشعائر وأمثالها فإنه يجب الكفُّ عنه، لأنه لم يكن يفعل ذلك في الشرك، فدلّت على أنه مريدٌ للإسلام، أما غير ذلك من شعائر الإسلام التي كانت معروفة عند أهل الأوثان في الجاهلية كأكثر شعائر الحجّ مثل: الطواف والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وغير ذلك فلم تكن تدلّ -إذا أظهرها الوثني- على أنه مريدٌ للإسلام تاركٌ للشرك، ولذلك جرت أحكام الإسلام على وجوب الكفّ عن المشرك الوثني بعد قوله "لا إله إلا الله" ولو لم يزد على ذلك، أو قال ما يقوم مقام كلمة التوحيد. كما دلّت على ذلك الأحاديث الآتية:
حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما لما قتل الذي قال "لا إله إلا الله" فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {أقال لا إله إلا الله وقتلته}؟ قال: قلت يارسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح، قال: {أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها ذلك أم لا}، فما زال يكرِّرها عليّ حتى تمنَّيتُ أنِّي أسلمتُ يومئذ" [[مسلم]رواه مسلم].
حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي فيه: أن عمر قال لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: {أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا "لا إله إلا الله" فمن قالها فقد عصم منِّي ماله ونفسه إلا بحقّه وحسابه على الله} [متفق عليه].
وحديث المقدارد رضي الله عنه أنه قال: يارسول الله أرأيتَ إن لقيتُ رجلاً من الكفار فقاتلني فضرب إاحدى يديَّ بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال: "أسلمتُ" أفأقتله يارسول الله بعد أن قالها؟ قال: {لا تقتله فإن قتلتَه فإنه بمنْزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنْزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها} [رواه مسلم].
حديث عمران بن حصين قال: "أصاب المسلمون رجلاً من بني عقيل فأتوا به النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا محمد إني مسلم، فقال رسول الله: {لوكنت قلت وأنت تملك أمرك أفلحت كل فلاح}. [رواه مسلم].
حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر. وفيه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: {اللهم أني أبرأ إليك مما صنع خالد مرّتين} [[البخاري]رواه البخاري].
فهذه الأحاديث تدلّ على وجوب الكف عن قتل الوثني إذا قال "لا إله إلا الله" أو "أسلمت لله" أو قال "أنا مسلم" ونحو ذلك، ولا تدلّ على أن الله لا يريد من الإنسان المشرك الوثني إلا النطق بكلمة التوحيد بلسانه، فالذي يريده الله من المشركين بيَّنته آية التوبة: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ أو ﴿فَإِخْوَنْكُمُ ْفِيْ اَلْدِّيْنِ﴾ .
قال أنس رضي الله عنه: "توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربِهم وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة" [ابن جرير] .
وقال قتادة: "إن تركوا اللات والعزى وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإخوانكم في الدِّين" [ابن جري] .
فلابدّ من ترك الآلهة المعبودة فعلاً مع النطق بكلمة الشهادة، كما فهمها السلف خلافاً لأصحاب الفهم السقيم الذين لا يشترطون "ترك الآلهة المعبودة"، ويقولون: "إن النطق وحده يكفي".

[2] الكفُّ عن الكتابي :
من المعروف أنّهم كانوا يقولون "لا إله إلا الله" وينكرون محمد رسول الله، وأن الله تعالى أمر بقتالهم وهم كذلك.
قال الله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ اْلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُوْنَ﴾ [التوبة: 29].
فلم يكن قول "لا إله إلا الله" كافياً لحقن دمائهم وأموالهم ولم يكن علامة تدلّ على إرادتِهم لدخول الإسلام، لأنهم كانوا يقولون ذلك في الكفر، أما إذا قال الكتابي "أشهد أن محمداً رسول الله" فهذا يدلّ على إرادته للإسلام، وعندئذ يجب الكفّ عنه .
عن أنس رضي الله عنه أن يهودياً قال: "أشهد أنك رسول الله" ثم مات، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {صلوا على صاحبكم} [أحمد] .
ومن أقرّ منهم بأن محمداً رسول الله كان حقّاً عليه أن يتبعه ويترك ضلالات أهل ملته في الأعتقاد وغيره

[3] الكف عن المرتدّ :
المرتد: هو كل من رجع إلى الكفر بعد إسلامه أو ورث الردّة عن أهل الردّة. والمرتدون صنفان : -
(الأول) هو من خرج عن الملّة وتبرأ من الإسلام وعاد إلى الوثنية أو اليهودية أو النصرانية، فمن كان مرتداً إلى الوثنيه لا بدّ للكفّ عنه من أن يشهد أن "لا إله إلا الله" وأن يخلع الآلهة والأوثان المعبودة من دون الله، وأن يعود إلى ما خرج منه من تكاليف الدِّين.
ومن كان مرتداً إلى اليهودية أو النصرانيه لا بدّ للكفّ عنه من أن يشهد بأن محمداً رسول الله، وأن يعود إلى ما خرج منه من تكاليف الدِّين .
(الثاني) هو من خرج عن الملّة وهو لا يزال ينتسب إلى الإسلام جهلاً وضلالاً، أو ورِث ضلالات أهل الردّة القُدماء، وهو يحسب أن ذلك من الإسلام، فمن كان من هذا النوع من المرتدين لا بدّ للكفّ عنه من أن يرجع عما اعتقده من الضلالات التي صار بِها كافراً مرتداً، فإن أبى الرجوع عن ذلك لا يكون نطقه بالشهادتين عاصماً لدمه وماله .
لذلك حرّق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه السبئية الذين اعتقدوا فيه الألوهية،وكانوا مقرّين بالشهادتين والصحابة متوافرون .
^ ومثلهم الذين اتّبعوا الكذّبين المتنبئين وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، كأتباع مسيلمة الكذَّاب والمختار وهم الذين قاتلهم الصحابة وكفَّروهم .
^ ومثلهم مانعي الزكاة الذين قاتلهم الصحابة بقيادة الصديق رضي الله عنه الذي قال: "والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقاتلتهم على منعه" وكانوا مقرّين بالشهادتين والصلاة.
قال عبد الرحمن بن زيد: "أبى الله أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة" وقال: "رحم الله أبابكر ما كان أفقهه".
^ ومثلهم التتار الذين أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بوجوب قتالهم وتكفيرهم، وكانوا ناطقين بالشهادتين وملتزمين لبعض شرائع الإسلام .
^ ومثلهم القرامطة والطوائف الباطنية .
^ ومثلهم البهائية والقاديانية وغيرهم في هذا العصر ممن يتّبعون أديان الكذَّابين المتنبئين .
^ ومثلهم المؤمنون بالأديان التي اخترعها البشر كالديمقراطية والاشتراكية والقوانين الوضعية العالمية منها والمحلية التي ما أنزل الله بِها من سلطان .
هذا بيان لـ "متى يجب الكفّ عن قتل الكافر، وأما الشروط التي يجب أن يقبلها من أراد الدخول في الإسلام، من أي صنف كان من أصناف الكفار والتي لا يكون بدونِها مسلماً" فهي :
(1) الإقرار بشهادة أن "لا إله إلا الله" مع خلع جميع الآلهة المعبودة من دون الله فعلاً .
(2) الإقرار بشهادة أن محمداً رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأن كلّ ما جاء به حقّ ووحيٌ من الله .
(3) الانقياد وعدم الاستكبار عن فعل الواجبات وعدم الاستحلال للمحرّمات، وكل من أظهر استعداده لقبول هذه الشروط يقال له "مسلم"، ويكون له حقوق المسلمين،ولا يجوز تكفيره بذنب مالم يستحلّه، ومن زعم أنه قبل تلك الشروط، ولكنه أظهر بعد ذلك المودّة والموالاة لأهل الشرك والبغض والمعاداة لأهل التوحيد فهو كافر لم يؤمن بالله واليوم الآخر .
قال الله تعالى: ﴿لاْ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ اْلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَاْدَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيْرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: 22].
وموالاة أهل التوحيد والبراءة من أهل الشرك من معنى "لا إله إلا الله" أو من لوازمها، ومن لم يقم بذلك فقد كذب في ادعائه للإيمان والتوحيد.

-الإيمان

{ثاْنياً} اَلإِيماْنُ :
هُوَ أَنْ يُؤْمِنَ اَلْمَرْءُ وَيُصَدِّقَ بِكُلِّ مَاْ جَاْءَ بِهِ اَلْرَّسُوْلُ صلى الله عليه وسلّم مِنَ اَلْحَقِّ تَصْدِيْقاً جَاْزِماً لاْ شَكَّ فِيْهِ، بِقَلْبِهِ وَلِسَاْنِهِ وَجَوَاْرِحِهِ. "وَاَلْمُؤْمِنُ اَلْحَقُّ": هُوَ اَلَّذِيْ إِذَاْ عَرَفَ اَلْحَقَّ اَلْمُنَزَّلَ مِنْ عِنْدِ اَللهِ آمَنَ بِهِ بِقَلْبِهِ أَيْ صَدَّقَ بِهَ وَاَعْتَقَدَهُ وَأَحَبَّهُ وَرَضِيَ بِهِ.
وَآمَنَ بِهِ كَذَلِكَ بِلِسَاْنِهِ أَيْ أَقَرَّ بِهِ وَدَعَاْ إِلَيْهِ.
وَآمَنَ بِهِ كَذَلِكَ بِجَوَاْرِحِهِ أَيْ عَمِلَ بِهِ دَاْئِماً فِيْ خَاْصَةِ نَفْسِهِ.
وَاَعْلَمْ أَنَّ اَلإِيْمَاْنَ عَلَىْ قِسْمَيْنِ:
(اَلأَوَّلُ) هُوَ أَصْلُ اَلإِيْمَاْنِ، اَلَّذِيْ يُفَرِّقُ بَيْنَ "اَلْمُؤْمِنِ" وَ "اَلْكَاْفِرِ" وَهَذَاْ يَتِمُّ بِاَلإِيْمَاْنِ بِاَللهِ وَمَلاْئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وِرُسُلِهِ وَاَلْيَوْمِ اَلآخِرِ. فَاَلْمُؤْمِنُ يُؤْمِنُ بِكُلِّ ذَلِكَ وَاَلْكَاْفِرُ لاْ يُؤْمِنُ بِكُلِّ ذَلِكَ أَوْ بِبَعْضِهِ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: 285].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيدًا﴾ [النساء: 136].
وَبَيَّنَ اَلْنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم أَصْلَ اَلإِيْمَاْنِ فَقَاْلَ: {أَنْ تُؤْمِنُ بِاَللهِ وَمَلاْئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاَلْيَوْمِ اَلآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِاَلْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ} [رواه مسلم].
وَاَلْمُؤْمِنُ يُؤْمِنُ بِاَللهِ بِقَلْبِهِ أَيْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لاْ إِلَهَ إِلاّ هُوَ وَلاْ شَرِيْكَ لَهُ فِيْ رُبُوْبِيَتِهِ وَأُلُوْهِيَتِهِ، وَيَرْضَىْ بِهَذَاْ اَلاِعْتِقَاْدِ وَيُحِبُّهُ وَيُحِبُّ أَهُلَهُ وَيُنْكِرُ اَلْشِّرْكَ بِقَلْبِهِ وَيُبْغِضُهُ وَيُبْغِضُ أَهْلَهُ.
وَاَلْمُؤْمِنُ كَذَلِكَ يُؤْمِنُ بِاَللهِ بِلِسَاْنِهِ أَيْ يُقِرُّ بِكَلِمَةِ اَلْتَّوْحِيْدِ بِلِسَاْنِهِ وَيَدْعُوْ إِلَيْهَاْ وَيُنْكِرُ اَلْشِّرْكَ بِلِسَاْنِهِ وَيُكَفِّرُ أَهْلَهُ وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ.
وَاَلْمُؤْمِنُ كَذَلِكَ يُؤْمِنُ بِاَللهِ بِجَوَاْرِحِهِ فَيُوَاْلِيْ أَهْلَ اَلْتَّوْحِيْدِ وَيَنْصُرُهُمْ وَيُعَاْدِيْ أَهْلَ اَلْشِّرْكِ وَيُجَاْهِدُهُمْ وَيَعْمَلُ بِطَاْعَةِ اَللهِ وَيَجْتَنِبُ مَحَاْرِمَ اللهِ.
وَكَمَاْ آمَنَ اَلْمُؤْمِنُ بِاَللهِ بِقَلْبِهِ وَلِسَاْنِهِ وَجَوَاْرِحِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمِنُ بَمَلاْئِكَةِ اَللهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاَلْيَوْمِ اَلآخِرِ بِقَلْبِهِ وَلِسَاْنِهِ وَجَوَاْرِحِهِ. وَلِهَذَاْ قَاْلَ اَلْسَّلَفُ: "اَلإِيْمَاْنُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَةٌ" وَقَاْلُوْا: "اَلإِيْمَاْنُ تَصْدِيقٌ وَإِقْرَاْرٌ بِاَلْقَلْبِ وَقَوْلٌ بِاَلْلِّسَاْنِ وَعَمَلٌ بِاَلْجَوَاْرِحِ". وَاَلْكُفَّاْرُ اَلَّذِيْنَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ "أَصْلُ اَلإِيْمَاْنِ" عَلَىْ أَنْوَاْعٍ :
فَمِنْهُمْ مَنْ فِيْ قَلْبِهِ تَصْدِيْقٌ وَاِسْتِيْقَاْنٌ أَيْ صَدَّقَ وَأَيْقَنَ بِأَنَّ اَللهَ لاْ إِلَهَ إِلاّ هُوَ وَلاْ شَرِيْكَ لَهُ فِيْ اَلْعِبَاْدَةِ وَاَلْطَّاْعَةِ، وَلِكَنَّهُ أَبْغَضَ اَلْعَمَلَ بِاَلْتَّوْحِيْدِ وَاَسْتَكْبَرَ عَنْ طَاْعَةِ اَللهِ. كَمَاْ فَعَلَ إِبْلِيْسُ اَلْلَّعِيْنُ.
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 34].
وَكَمَاْ فَعَلَ "فِرْعَوْنُ" وَآلُهُ.
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: 14].
وَكَمَاْ فَعَلَ أَبُوْ جَهْلٍ وَأَمْثَاْلُهُ.
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33].
وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَدِّقُ اَلْتَّوْحِيْدَ وَرِسَاْلَةَ اَلْرَّسُوْلِ بِقَلْبِهِ وَيُقِرُّ ذَلِكَ بِلِسَاْنِهِ وَلاْ يُظْهِرُ اَلْبُغْضَ. وَلِكَنَّهُ تَرَكَ اَلْعَمَلَ بِاَلْتَّوْحِيْدِ وَطَاْعَةَ اَللهِ خَوْفاً مِنْ زَوَاْلِ اَلْمُلْكِ أَوْ اَلْمَعَرَّةِ فِيْ اَلْدُّنْيَاْ .. كَمَاْ فَعَلَ أَبُوْ طَاْلِبٍ وَهِرَقَلْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُقِرُّ بِاَلْتَّوْحِيْدِ وَصِدْقِ اَلْرَّسُوْلِ بِلِسَاْنِهِ وَيَعْمَلُ بِطَاْعَةِ اَللهِ فِيْ اَلْظَّاْهِرِ وَلِكَنْ فِيْ قَلْبِهِ شَكٌّ أَوْ بُغْضٌ لِلْحَقِّ وَلأَهْلِ اَلْحَقِّ أَوْ اِسْتِحْبَاْبُ اَلْحَيَاْةِ اَلْدُّنْيَاْ عَلَىْ اَلآخِرَةِ وَهَؤُلاْءِ هُمُ اَلْمُنَاْفِقُوْنَ.
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾[آل عمران:167]
﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1].
إِذَاْ عَرَفْتَ أَنَّ أَصْلَ "اَلإِيْمَاْنِ" اَلَّذِيْ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَهْلِ اَلإِيْمَاْنِ وَأَهْلِ اَلْكُفْرِ هُوَ: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللهِ وَمَلاْئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاَلْيَوْمِ اَلآخِرِ " فَاَعْرِفْ كَذَلِكَ وُجُوْبَ اَلإِيْمَاْنِ بِهَذِهِ اَلأُصُوْلِ مُجْتَمِعَةً، فَمَنْ كَفَرَ بِبَعْضِهَاْ فَقَدْ كَفَرَ بِجَمِيْعِهَاْ، فَمَنْ أَنْكَرَ تَوْحِيْدَ اَلْعِبَاْدَةِ للهِ لاْ يَنْفَعُهُ إِيْمَاْنُهُ بِرِسَاْلَةِ اَلْرَّسُوْلِ وَبِاَلْبَعْثِ وَاَلْحِسَاْبِ، وَمَنْ شَكَّ فِيْ صِدْقِ اَلْرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم لاْ يَنْفَعُهُ إِيْمَاْنُهُ بِاَللهِ بِاَلْتَّوْحِيْدِ وَاَلإِخْلاْصِ. وَمَنْ أَنْكَرَ اَلْبَعْثَ وَاْلَحِسَاْبَ أَوْ أَنْكَرَ اَلْقُرْآنَ أَوْ اَلْمَلاْئِكَةَ لاْ يَنْفَعُهُ إِيْمَاْنُهُ بَبَاْقِيْ هَذِهِ اَلأُصُوْلِ. وَلِذَلِكَ صَاْرَتْ اَلْيَهُوْدُ وَاَلْنَّصَاْرَىْ كُفَّاْراً وَهُمْ يَزْعُمُوْنَ اَلإِيْمَاْنَ بِاَللهِ وَمَلاْئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاَلْيَوْمِ اَلآخِرِ لأَنَّ ذَلِكَ اَلْزَّعْمَ كَاْنَ بَاْطِلاً لأْسْبَاْبٍ مَعْلُوْمَةٍ:
(مِنْهَاْ) أَنَّ إِيْمَاْنَهُمْ بِاَللهِ لَمْ يَصِحَّ لأَنَّهُمْ كَاْنُوْا يُشْرِكُوْنَ بِاَللهِ بِإِتّخَاْذِهِمْ اَلأَنْبِيَاْءَ وَاَلْصَّاْلِحِيْنَ آلِهَةً تُعْبَدُ، وَطَاْعَتِهِمْ لِلأَحْبَاْرِ وَاَلْرُّهْبَاْنِ فِيْ اَلْمَعَاْصِيْ:
قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 31].
(وَمِنْهَاْ) أَنَّ إِيْمَاْنَهُمْ بِاَللهِ لَمْ يَصِحَّ لأَنَّهُمْ كَاْنُوْا يَكْفُرُوْنَ بِرِسَاْلَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم:
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: 150-151].
وَقَدْ رَأَيْتَ -فِيْ اَلْدُّرُوْسِ اَلْسَّاْبِقَةِ- كَيْفَ أَنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ كَاْنُوْا يُقِرُّوْنَ بِوُجُوْدِ اَللهِ وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُمْ عَلَىْ مِلَّةِ رَسُوْلِ اَللهِ إِبْرَاْهِيْمَ عَلَيْهِ اَلْسَّلاْمُ، وَأَنَّهُمْ كَاْنُوْا يُقَدِّمُوْنَ بَعْضَ اَلْعِبَاْدَاْتِ للهِ تَعَاْلَىْ .. وَرَأَيْتَ كَيْفَ اِعْتَبَرَهُمُ اَللهُ كَفَّاْراً مُشْرِكِيْنَ.
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف:106].
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَىْ أَنَّ اَلإِيْمَاْنَ بِاَللهِ لاْ يَصِحُّ وَلاْ يَتِمُّ إِلاّ بِاَلْبَرَاْءَةِ مِنَ اَلْشِّرْكِ وَأَهْلِهِ، وَأَنَّ مَنْ زَعَمَ اَلإِيْمَاْنَ بِاَللهِ مَعَ اَلْشِّرْكِ بِاَللهِ فَزَعْمُهُ مَرْدُوْدٌ عَلَيْهِ وَلاْ يَقْبَلُهُ اَلإِسْلامُ.
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿َدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: 4].
قَاْلَ اَلإِمَاْمُ اَلْطَّبَرِيُّ: ﴿حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ يَقُوْلُ: "حَتَّىْ تُصَدِّقُوْا بِاَللهِ وَحْدَهُ فَتُوَحِّدُوْهُ وَتُفْرِدُوْهُ بِاَلْعِبَاْدَةِ".
وَكَمَاْ أَنَّ اَلإِيْمَاْنَ بِاَللهِ لاْ يَصِحُّ مَعَ اَلْشِّرْكِ بِاَللهِ فَكَذَلِكَ اَلإِسْلامُ اَلْظَّاْهِرُ للهِ لاْ يَصِحُّ مَعَ اَلْشِّرْكِ بِاَللهِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ اَلْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَاْلَ: {مَنْ قَاْلَ لاْ إِلَهَ إِلاّ اللهُ وَكَفَرَ بِمَاْ يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اَللهِ حَرُمَ مَاْلُهُ وَدَمُهُ وَحِسَاْبُهُ عَلَىْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ}. [رواه مسلم].
{اَلإِسْلامُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَلاْ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَتُقِيْمَ اَلْصَّلاْةَ اَلْمَكْتُوْبَةَ وَتُؤَدِّيْ اَلْزَّكَاْةَ اَلْمَفْرُوْضَةَ، وَتَصُوْمَ رَمَضَاْنَ} [متفق عليه].
فَمِنْ هُنَاْ تَظْهَرُ لَكَ أَهْمِيَةُ قَضِيَةِ اَلْتَّوْحِيْدِ إِذْ لاْ يَصِحُّ بِدُوْنِهَاْ إِيْمَاْنٌ وَإِسْلامٌ.
(وَاَلْثَّاْنِيْ) هُوَ اَلإِيْمَاْنُ اَلْوَاْجِبُ اَلَّذِيْ يُفِرِّقُ بَيْنَ اَلْمُؤْمِنِ اَلْمُقْتَصِدِ وِبَيْنَ اَلْمُسْلِمِ اَلْظَّاْلِمِ لِنَفْسِهِ. وَهُوَ فِعْلُ اَلْوَاْجِبَاْتِ وَتَرْكُ اَلْمُحْرَّمَاْتِ. فَفَاْعِلُ اَلْوَاْجِبَاْتِ اَلْتَّاْرِكُ لِلْمُحَرَّمَاْتِ أَفْضَلُ إِيْمَاْناً مِنَ اَلْتَّاْرِكِ لِبَعْضِ اَلْوَاْجِبَاْتِ أَوْ اَلْفَاْعِلِ لِبَعْضِ اَلْمُحَرَّمَاْتِ، لأَنَّ اَلأَعْمَاْلَ مِنَ اَلإِيْمَاْنِ فَمَنْ اِزْدَاْدَ مِنْهَاْ اِزْدَاْدَ إِيْمَاْنُهُ، وَمَنْ أَخَلَّ بِبَعْضِهَاْ نَقَصَ إِيْمَاْنُهُ. فَيُوْصَفُ بِأَنَّهُ "فَاْسِقٌ بِكَبِيْرَتِهِ" وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَصْلِ اَلإِيْمَاْنِ إِلَىْ اَلْكُفْرِ بِاَللهِ بِذَنْبِهِ إِذَاْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِلاًّ لَهُ قَدْ زَاْلَتْ مِنَ قَلْبِهِ كَرَاْهِيَةُ اَلْكُفْرِ وَاَلْفُسُوْقِ وَاَلْعِصْيَاْنِ، أَمَّاْ إِذَاْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَكَاْنَ مُحِبّاً لِلإِيْمَاْنِ وَكَاْنَ فِيْ قَلْبِهِ إِيْمَاْنٌ يَدْفَعُ اَلْذُّنُوْبَ وَيُجَاْهِدُهَاْ فَلاْ يَكُوْنُ كَاْفِراً بِمُجَرَّدِ اِرْتِكَاْبِهِ لِلْحَرَاْمِ.
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ [الحجرات: 7].
وَقَدْ وَصَفَ اَللهُ تَعَاْلَىْ وَرَسُوْلُهُ اَلْمُؤْمِنِيْنَ بِفِعْلِ اَلْوَاْجِبَاْتِ وَاَلاِجْتِنَاْبِ عَنِ اَلْمُحَرَّمَاْتِ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال: 2-4].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحجرات: 15].
عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَاْلَ: قَاْلَ رَسُوْلُ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: {اَلإِيْمَاْنُ بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُوْنَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَاْ قَوْلُ: لاْ إِلَهَ إِلاّ اَللهُ، وَأَدْنَاْهَاْ إِمَاْطَةُ اَلأَذَىْ عَنِ اَلْطَّرِيْقِ، وَاَلْحَيَاْءُ شُعْبَةٌ مِنَ اَلإِيْمَاْنِ} [متفق عليه].
وَقَدْ نَفَىْ اَللهُ وَرَسُوْلُهُ اِسْمَ اَلإِيْمَاْنِ عَمَّنْ قَصَرَ عَنْ أَدَّاْءِ اَلْوَاْجِبَاْتِ أَوْ اِرْتَكَبَ اَلْمُحَرَّمَاْتِ.
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 14].
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِيْ وَقَاْصٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُوْلَ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أَعْطَىْ رَهْطاً وَسَعْدٌ جَاْلِسٌ فَتَرَكَ رَسُوْلُ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم رَجُلاً هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ فَقُلْتُ: "يَاْ رَسُوْلَ اَللهِ مَاْ لَكَ عَنْ فُلاْنٍ فَوَ اَللهِ إِنِّيْ لأَرَاْهُ مُؤْمِناً" فَقَاْلَ: {أَوْ مُسْلِماً}، فَسَكَتُّ قَلِيْلاً، ثُمَّ غَلَبَنِيْ مَاْ أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَاْلَتِيْ فَقُلْتُ: "مَاْ لَكَ عَنْ فُلاْنٍ فَوَ اَللهِ إِنِّيْ لأَرَاْهُ مُؤْمِناً" فَقَاْلَ: {أَوْ مُسْلِماً}، ثُمَّ غَلَبَنِيْ مَاْ أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَاْلَتِيْ، وَعَاْدَ رَسُوْلُ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم. ثُمَّ قَاْلَ: {يَاْ سَعْدُ إِنِّيْ لأُعْطِيْ اَلْرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةً أَنْ يَكُبَّهُ اَللهُ فِيْ اَلْنَّاْرِ} [متفق عليه].
وَعَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُوْلَ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَاْلَ: {لاْ يَزْنِيْ اَلْزَّاْنِيْ حَيْنَ يَزْنِيْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاْ يَشْرَبُ اَلْخَمْرَ حِيْنَ يَشْرَبُهَاْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاْ يَسْرِقُ اَلْسَّاْرِقُ حِيْنَ يَسْرِقُهَاْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاْ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاْتَ شَرْفٍ يَرْفَعُ اَلْنَّاْسُ إِلَيْهِ فِيْهَاْ أَبْصَاْرَهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [متفق عليه] .
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُوْلَ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَاْلَ: {لاْ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّىْ أَكُوْنَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَاْلِدِهِ وَاَلْنَّاْسِ أَجْمَعِيْنَ} [متفق عليه].
وَعَنْهُ أَيْضاً أَنَّ رَسُوْلَ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَاْلَ: {لاْ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّىْ يُحِبَّ لأَخِيْهِ مَاْ يُحِبُّ لِنَفْسِهِ} [متفق عليه].
وَعَنْ أَبِيْ سَعِيْدٍ اَلْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَاْلَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يَقُوْلُ: {مَنْ رَأَىْ مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَاْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ اَلإِيْمَاْنِ} [رواه مسلم].
وَعَنْ أَبِيْ شُرَيْحٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُوْلَ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَاْلَ: {وَاَللهِ لاْ يُؤْمِنُ، وَاَللهِ لاْ يُؤْمِنُ، وَاَللهِ لاْ يُؤْمِنُ}، قِيْلَ وَمَنْ يَاْ رَسُوْلَ اَللهِ؟. قَاْلَ: {اَلَّذِيْ لاْ يَأْمَنُ جَاْرَهُ بَوَاْئِقُهُ} [[البخاري]رواه البخاري].
وَعَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُوْلَ اَللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَاْلَ: {وَاَلَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ لاْ تَدْخُلُوْا اَلْجَنَّةَ حَتَّىْ تُؤْمِنُوْا وَلاْ تُؤْمِنُوْا حَتَّىْ تَحَاْبُّوْا، أَوَلاْ أَدُلُّكُمْ عَلَىْ شَيْءٍ إِذَاْ فَعَلْتُمُوْهُ تَحَاْبَبْتُمْ أَفْشُوْا اَلْسَّلاْمَ بَيْنَكُمْ} [رواه مسلم] .
مِمَّاْ تَقَدَّمَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ اَلْمُؤْمِنَ هُوَ اَلْمُسْلِمُ اَلْفَاْعِلُ لِلْوَاْجِبَاْتِ اَلْتَّاْرِكُ لِلْمُحَرَّمَاْتِ. وَقَدْ وَعَدَ اَللهُ اَلْجَنَّةَ مَنْ مَاْتَ عَلَىْ ذَلِكَ. وَاَلإِيْمَاْنُ يَتَفَاْضَلُ يَزِيْدُ بِاَلْطَّاْعَةِ وَيَنْقُصُ بَاَلْمَعْصِيَةِ.
قَاْلَ تَعَاْلَىْ: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 72].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً. خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً﴾ [الكهف: 107-108].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا﴾ [مريم: 76] .
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة: 124-125] .
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ اَلْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَاْلَ: {ثَلاْثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاْوَةَ اَلإِيْمَاْنِ: أَنْ يَكُوْنَ اَللهُ وَرَسُوْلُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّاْ سِوَاْهُمَاْ، وَأَنَّ يُحِبَّ اَلْمَرْءُ لاْ يُحِبُّهُ إِلاّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُوْدَ فِيْ اَلْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اَللهُ كَمَاْ يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فَيْ اَلْنَّاْرِ} [متفق عليه].
وَعَنْ أَبِيْ اَلْدَّرْدَاْءِ رضي الله عنه قَاْلَ: "إِنَّ مِنْ فِقْهِ اَلْعَبْدِ أَنْ يَتَعَاْهَدَ إِيْمَاْنَهُ وَمَاْ نَقَصَ مِنْهُ، وَمِنْ فِقْهِ اَلْعَبْدِ أَنْ يَعْلَمَ أَيَزْدَاْدُ اَلإِيْمَاْنُ أَمْ يَنْقُصُ، وَإِنَّ مِنْ فِقْهِ اَلْرُّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ نَزَغَاْتِ اَلْشَّيْطَاْنِ أَنَّيْ تَأْتِيْهِ" [أحمد] .

-الإحسان

{ثالثاً} الإحسان :
الإحسان: هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
المحسنون هم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرّمات والمكروهات.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اَلْمُتَّقِيْنَ فِيْ جَنَّاْتٍ وَعُيُوْنٍ. آخِذِيْنَ مَاْ آتَاْهُمْ رَبَّهُمْ إِنَّهُمْ كَاْنُوْا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِيْنَ. كَاْنُوْا قَلِيْلاً مِنَ اَلْلَّيْلِ مَاْ يَهْجَعُوْنَ. وَبِاَلأَسْحَاْرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُوْنَ. وَفِيْ أَمْوَاْلِهِمْ حَقٌّ لِلْسَّاْئِلِ وَاَلْمَحْرُوْمِ﴾ [الذاريات: 15-19].
وقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنَ نَبَيٍّ قَاْتَلَ مَعَهُ رِبِّيُوْنَ كَثِيْرٌ فَمَاْ وَهَنُوْا لِمَاْ أَصَاْبَهُمْ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ وَمَاْ ضَعُفُوْا وَمَاْ اِسْتَكَاْنُوْا وَاللهُ يُحِبُّ اَلْصَّاْبِرِيْنَ. وَمَاْ كَاْنَ قَوْلَهُمْ إِلاْ أَنْ قَاْلُوْا رَبَّنَاْ اِغْفِرْلَنَاَ ذُنُوْبَنَاْ وَإِسْرَاْفَنَاْ فِيْ أَمْرِنَاْ وَثَبِّتْ أَقْدَاْمَنَاْ وَاَنْصُرْنَاْ عَلَىْ اَلْقَوْمِ اَلْكَاْفِرِيْنَ. فَآتَاْهُمُ اَللهُ ثَوَاْبَ اَلْدُّنْيَاْ وَحُسْنَ ثَوَاْبِ اَلآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِيْنَ﴾ [آل عمران: 146-148] .
وقال تعالى: ﴿وَاَلَّذِيْنَ جَاْهَدُوْا فِيْنَاْ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاْ وَإِنَّ اَللهَ لَمَعَ اَلْمُحْسِنِيْنَ﴾ [العنكبوت: 69] .
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيْناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاَتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاْهِيْمَ حَنِيْفاً وَاَتَّخَذَ اَللهُ إِبْرَاْهِيْمَ خَلِيْلاً﴾ [النساء: 125] .
وقال تعالى: ﴿وَلاْ تُفْسِدُوْا فِيْ اَلأَرْضِ بَعْدِ إِصْلاْحِهَاْ وَاَدْعُوْهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اَللهِ قَرِيْبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِيْنَ﴾ [الأعراف: 56] .
وقال تعالى عن يوسف عليه السلام: ﴿وَلَمَّاْ بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاْهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِيْ اَلْمُحْسِنِيْنَ﴾ [يوسف: 22] .
وقال تعالى عن موسى عليه السلام: ﴿وَلَمَّاْ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاَسْتَوَىْ آتَيْنَاْهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِيْ اَلْمُحْسِنِيْنَ﴾ [القصص: 14].
وقال تعالى: ﴿وَمَاْ تَكُوْنُ فِيْ شَأْنٍ وَمَاْ تَتْلُوْا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلاْ تَعْمَلُوْنَ مِنْ عَمَلٍ إِلاْ كُنَّاْ عَلَيْكُمْ شُهُوْداً إِذْ تُفِيْضُوْنَ فِيْهِ وَمَاْ يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَاْلَ ذَرَّةٍ فِيْ اَلأَرْضِ وَلاْ فِيْ اَلْسَّمَاْءِ وَلاْ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاْ أَكْبَرَ إِلاْ فِيْ كِتَاْبٍ مُبِيْنٍ. أَلاْ إِنَّ أَوْلِيَاْءَ اَللهِ لاْ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاْ هُمْ يَحْزَنُوْنَ. اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا وَكَاْنُوْا يَتَّقُوْنَ. لَهُمْ اَلْبُشْرَىْ فِيْ اَلْحَيَاتِ اَلْدُّنْيَاْ وَفِيْ اَلآخِرَةِ لاْ تَبْدِيْلَ لِكَلِمَاْتِ اَللهِ ذَلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيْمُ﴾ [يونس: 60-64].
وفي حديث جبريل قال: فأخبرني عن الإحسان قال: {أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك} [رواه مسلم].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {أن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب،وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بِها ورجله التي يمشي بِها، وإن سألني أعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه} [[البخاري]رواه البخاري].
وعنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: قال: {إذا أحبّ الله تعالى عبداً نادى جبريل: أن الله تعالى: يحبّ فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء: أن الله تعالى يحب فلاناً فأحبّوه فيحبّه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبداً نادى جبريل: فيقول إني ابغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء أن الله يبغض فلاناً فأبغضوه ثم توضع له البغضاء في الأرض} [رواه مسلم].
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {إنّ من عباد الله أناساً ماهم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانِهم من الله، قالوا: يارسول الله أخبرنا من هم، قال:{هم قوما تحابّوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونَها، فوالله إن وجوههم لنور وإنّهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس، وقرأ هذه الآية ﴿أَلاْ إِنَّ أَوْلِيَاْءَ اَللهِ لاْ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاْ هُمْ يَحْزَنُوْنَ﴾ [أبو داوود] .

الباب (8) مراتب الناس في الآخرة

البـاب الثامن: مراتب الناس في الآخرة
قال الله تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاْجاً ثَلاْثَةً. فَأَصْحَاْبُ اَلْمَيْمَنَةِ مَاْ أَصْحَاْبُ اَلْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحَاْبُ اَلْمَشْئَمَةِ مَاْ أَصْحَاْبُ اَلْمَشْئَمَةِ. وَاَلْسَّاْبِقُوْنَ اَلْسَّاْبِقُوْنَ. أُوْلَئِكَ اَلْمُقَرَّبُوْنَ. فِيْ جَنَّاْتِ اَلْنَّعِيْمِ. ثُلَّةٌ مِنَ اَلأَوَّلِيْنَ. وَقَلِيْلٌ مِنَ اَلآخَرِيْنَ﴾ [الواقعة: 7-14].
وقال تعالى: ﴿فَأَمَّاْ إِنْ كَاْنَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِيْنَ. فَرَوْحٌ وَرَيْحَاْنٌ وَجَنَّتُ نَعِيْمٍ. وَأَمَّاْ إِنْ كَاْنَ مِنَ أَصْحَاْبِ اَلْيَمِيْنِ. فَسَلاْمٌ لَكَ مِنْ أَصْحَاْبِ اَلْيَمِيْنِ. وَأَمَّاْ إِنْ كَاْنَ مِنَ اَلْمُكَذِّبِيْنَ اَلْضَّاْلِّيْنَ. فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيْمٍ. وَتَصْلِيَةُ جَحِيْمٍ. إِنَّ هَذَاْ لَهُوَ حَقُّ اَلْيَقِيْنِ. فَسَبِّحْ بِاِسْمِ رَبِّكَ اَلْعَظِيْمِ﴾ [الواقعة: 88-96].
وقال تعالى: ﴿أُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَاْ بَعْضَهُمْ عَلَىْ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاْتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيْلاً﴾ [الإسراء: 21] .
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اَللهَ وَاَلْرَّسُوْلَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ اَلَّذِيْنَ أَنْعَمَ اَللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلْنَّبِيِّيْنَ وَاَلْصِّدِّيْقِيْنَ وَاَلْشُّهَدَاْءِ وَاَلْصَّاْلِحِيْنَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيْقاً﴾ [النساء: 69].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اْلمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ اْلأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً. إِلاْ اَلَّذِيْنَ تَاْبُوْا وَأَصْلَحُوْ وَاَعْتَصَمُوْا بِاَللهِ وَأَخْلَصُوْا دِيْنَهُمْ للهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ اَلْمُؤْمِنِيْنَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اَللهُ اَلْمُؤْمِنِيْنَ أَجْراً عَظِيْماً. مَاْ يَفْعَلُ اَللهُ بِعَذَاْبِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَاْنَ اللهُ شَاْكِراً عَلِيْماً﴾ [النساء: 145-147] .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قال الله تعالى: {أعدت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر} واقرؤا إن شئتم ﴿فَلاْ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاْ أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاْءً بِمَاْ كَاْنُوْا يَعْمَلُوْنَ﴾ [متفق عليه] .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قال: {إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراؤن الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم}، قالوا:يارسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال:{بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين} [متفق عليه] .
تم بحمد الله في 5 جمادي الأول/1424 ﻫ .


اخبر صديق

Kenana Soft For Web Devoloping